للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ فَإِنْ نَقَصَتْ تِلْكَ السِّلْعَةُ عَنْ تِلْكَ التَّسْمِيَةِ أَخَذَ مِنْ مَالِ صَاحِبِهِ مَا نَقَصَ بِغَيْرِ ثَمَنٍ وَلَا هِبَةٍ طَيِّبَةٍ بِهَا نَفْسُهُ فَهَذَا يُشْبِهُ الْقِمَارَ وَمَا كَانَ مِثْلَ هَذَا مِنَ الْأَشْيَاءِ فَذَلِكَ يَدْخُلُهُ

وَذَكَرَ فِي هَذَا الْبَابِ إِلَى آخِرِهِ مَا فِي مَعْنَى مَا ذَكَرْنَا عَنْهُ

قِيلَ لَا يَخْرُجُ عَنْ شَيْءٍ مِمَّا وَصَفْنَا مِنْ أَصْلِهِ فَلَمْ أَرَ وَجْهًا لِذِكْرِهِ لِأَنَّهُ مَسْطُورٌ فِي ((الْمُوَطَّأِ)) عِنْدَ جَمِيعِ رُوَاتِهِ

وَيَشْهَدُ بِقَوْلِ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ مَا تَعْرِفُهُ الْعَرَبُ فِي لُغَتِهَا لِأَنَّ الْمُزَابَنَةَ مَأْخُوذٌ لَفْظِهَا مِنَ الزَّبَنِ وَهُوَ الْمُقَامَرَةُ وَالدَّفْعُ وَالْمُغَالَبَةُ وَفِي مَعْنَى الْقِمَارِ وَالزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ حَتَّى لَقَدْ قَالَ بَعْضُ أَهْلِ اللُّغَةِ إِنَّ الْقَمَرَ مُشْتَقٌّ مِنَ الْقِمَارِ لِزِيَادَتِهِ وَنُقْصَانِهِ

فَالْمُزَابَنَةُ وَالْقِمَارُ وَالْمُخَاطَرَةُ شَيْءٌ مُتَدَاخِلُ الْمَعْنَى مُتَقَارِبٌ

تَقُولُ الْعَرَبُ حَرْبٌ زَبُونٌ أَيْ ذَاتُ دَفْعٍ وَقِمَارٍ وَمُغَالَبَةٍ

قَالَ أَبُو الْغَوْلِ الطُّهَوِيُّ

فَوَارِسُ لَا يَمْلِكُونَ الْمَنَايَا إِذَا دَارَتْ رَحَى الْحَرْبِ الزَّبُونِ

وَقَالَ مَعْمَرُ بْنُ لَقِيطٍ الْإِيَادِيُّ

عَبْلُ الذِّرَاعِ أَبْيَازًا مُزَابَنَةً فِي الْحَرْبِ يَخْتَتِلُ الرِّئَالُ وَالسَّقَيَا

وَمِنْ هَذَا الْمَعْنَى قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ كَانَ مَيْسِرُ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ بَيْعَ اللَّحْمِ بِالشَّاةِ وَالشَّاتَيْنِ فَأَخْبَرَ سَعِيدٌ أَنَّ ذَلِكَ مَيْسِرٌ

وَالْمَيْسِرُ الْقِمَارُ

وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَقَالَ جِمَاعُ الْمُزَابَنَةِ أَنْ يُنْظَرَ كُلُّ مَا عُقِدَ بيعه مما الفضل في بعضه على ببعض يَدًا بِيَدٍ رِبًا فَلَا يَجُوزُ مِنْهُ شَيْءٌ يُعْرَفُ كَيْلُهُ أَوْ وَزْنُهُ بِشَيْءٍ جُزَافًا وَلَا جُزَافًا بِجُزَافٍ مِنْ صِنْفِهِ فَإِمَّا أَنَّ يَقُولَ لَكَ أَضْمَنُ لَكَ صُبْرَتَكَ هَذِهِ بِعِشْرِينَ صَاعًا فَمَا زَادَ فَلِي وَمَا نَقَصَ فَعَلَيَّ تَمَامُهَا فَهَذَا مِنَ الْقِمَارِ وَالْمُخَاطَرَةِ وَلَيْسَ مِنَ الْمُزَابَنَةِ

وَمِنْ حُجَّتِهِ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ رَوَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ نهى عن المزابنة

<<  <  ج: ص:  >  >>