وَحَمَلَهُ عَشَرَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ عَلَى الْعُمُومِ فِي بَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدَ الْبَائِعِ وَهُوَ الْأَحْوَطُ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ تَفْسِيرُ مَا ذَكَرْنَا فِي الْعِينَةِ
فَأَمَّا لَفْظُ نَافِعٍ عَنِ بْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((مَنِ ابْتَاعَ طَعَامًا فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ))
ولفظ عبد الله بن دينار عن بن عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مَنِ ابْتَاعَ طَعَامًا فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يَقْبِضَهُ
فَالْمَعْنَى فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ لِأَنَّ الِاسْتِيفَاءَ بِالْكَيْلِ وَالْوَزْنِ هُوَ الْقَبْضُ لِمَا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ
قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ (أَوْفُوا الْكَيْلَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَ) الشُّعَرَاءِ ١٨١
وَقَالَ (فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا) يُوسُفَ ٨٨
وَقَالَ (وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ) الْمُطَفِّفِينَ ٣
وَلَمْ يَخْتَلِفِ الْعُلَمَاءُ فِي كُلِّ مَا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ مِنَ الطَّعَامِ كُلِّهِ وَالْآدَامِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ لِمَنِ ابْتَاعَهُ عَلَى الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ حَتَّى يَقْبِضَهُ كَيْلًا أَوْ وَزْنًا
وَكَذَلِكَ الْمِلْحُ وَالْكُزْبُرُ وَزَرِيعَةُ الْفُجْلِ الَّذِي فِيهِ الزَّيْتُ الْمَأْكُولُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا زيت فيؤكل فهي كزريعة الْكُرَّاثِ وَالْجَزَرِ وَالْبَصَلِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا لَيْسَ بِطَعَامٍ فَلَا بَأْسَ عِنْدَ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ بِبَيْعِ ذَلِكَ قَبْلَ اسْتِئْنَافِهِ
وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي التَّوَابِلِ وَالْحُلْبَةِ وَالشُّونِيزِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ عَلَى مَا قَدْ ذَكَرْنَا عَنْهُمْ فِي كِتَابِ اخْتِلَافِ قَوْلِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ
وَكَذَلِكَ الطَّعَامُ إِذَا بِيعَ جُزَافًا صُبَرًا عَلَى غَيْرِ الْكَيْلِ لَا بَأْسَ عِنْدَ مَالِكٍ وَيَبِيعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ وَقَبْلَ انْتِقَالِهِ من موضعه
وقد روي عنه أنه اسْتَمَدَّ قَوْلَهُ انْتِقَالِهِ لِكُلِّ مَنِ ابْتَاعَهُ قَبْلَ أَنْ يَبِيعَهُ
وَقَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ فِي ذَلِكَ كَقَوْلِ مَالِكٍ فِي الطَّعَامِ إِذَا ابْتِيعَ جِزَافًا
وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَدَاوُدُ أَمَّا الطَّعَامُ كُلُّهُ فَلَا يُبَاعُ شَيْءٌ مِنْهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ الَّذِي ابْتَاعَهُ سَوَاءٌ اشْتَرَاهُ عَلَى الْكَيْلِ أَوِ الْجِزَافِ وَيَنْتَقِلَهُ وَيَقْبِضَهُ مِمَّا يَقْبِضُ بِهِ مِثْلَهُ
قَالُوا وَأَمَّا غَيْرُهُ مِنَ الْعُرُوضِ كُلِّهَا فَجَائِزٌ بَيْعُهُ قَبْلَ الْقَبْضِ