وَهَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ وَالْأَوْزَاعِيِّ فِي بَيْعِ الْعُرُوضِ كُلِّهَا جَوَازُ بَيْعِهَا قَبْلَ اسْتِيفَائِهَا عَلَى مَا نُوَضِّحُهُ مِنْ ذَلِكَ مِنْ بَابِ بَيْعِ الْعُرُوضِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ
وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ وَالْكُوفِيُّونَ فَلَا يُجِيزُونَ بَيْعَ الْعُرُوضِ قَبْلَ الْقَبْضِ
وهو مذهب بن عَبَّاسٍ
وَسَيَأْتِي ذِكْرُ تَلْخِيصِ مَذَاهِبِهِمْ فِي بَابِهِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ
وَقَالَ آخَرُونَ كُلُّ مَا بِيعَ عَلَى الْكَيْلِ أَوِ الْوَزْنِ مِنْ جَمِيعِ الْأَشْيَاءِ كُلِّهَا طَعَامًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ فَلَا يُبَاعُ شَيْءٌ منه قبل القبض بالكيل أو الوزن حَسَبِ الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ فِي كَيْلِهِ أَوْ وَزْنِهِ وَمَا لَيْسَ بِمَكِيلٍ وَلَا مَوْزُونٍ فَلَا بَأْسَ بِبَيْعِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ مِنْ جَمِيعِ الْأَشْيَاءِ كُلِّهَا
وَرُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَالْحَسَنِ وَالْحَكَمِ وَحَمَّادٍ
وَبِهِ قَالَ الْحَسَنُ - قِيَاسًا عَلَى مَا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ مِنَ الطَّعَامِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ كُلُّ مَا بِيعَ مِنَ الطَّعَامِ عَلَى الْكَيْلِ أَوِ الْوَزْنِ فَلَا يَجُوزُ عِنْدَ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ أَنْ يُمَهَّدَ قَبْلَ اسْتِئْنَافِهِ وَلَا يُسْتَأْجِرَ بِهِ وَلَا يُؤْخَذَ عَلَيْهِ بَدَلٌ وَيَجُوزُ عِنْدَهُمْ مَا اسْتَقَرَّ مِنَ الطَّعَامِ عِنْدَ اسْتِيفَائِهِ عَلَى ظَاهِرِ قَوْلِ رسول الله صلى الله عليه وسلم ((من ابْتَاعَ طَعَامًا فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ أَوْ حَتَّى يَقْبِضَهُ)) وَلَمْ يَقُلْ مَنْ مَلَكَ طَعَامًا فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ وَجَائِزٌ عِنْدَهُ بَيْعُ مَا اشْتُرِيَ مِنَ الطَّعَامِ جِزَافًا قَبْلَ نَقْلِهِ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ إِنَّمَا الْمَهْرُ وَالْجُعْلُ وَمَا يُؤْخَذُ فِي الْخُلْعِ مِنَ الطَّعَامِ وَغَيْرِهِ فَجَائِزٌ أَنْ يُبَاعَ مَا مَلَكَ بِهَذِهِ الْوُجُوهِ قَبْلَ الْقَبْضِ
قَالَا وَالَّذِي لَا يُبَاعُ قَبْلَ قَبْضِهِ مَا اشْتُرِيَ أَوِ اسْتُؤْجِرَ بِهِ
قَالَا وَكُلُّ مَا مُلِّكَ بِالشِّرَاءِ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ قَبْلَ الْقَبْضِ إِلَّا الْعَقَارَ وَحْدَهُ
وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَمُحَمَّدُ بن الحسن كل ما ملك بشراء أَوْ بِعِوَضٍ مِنْ جَمِيعِ الْأَشْيَاءِ كُلِّهَا عَقَارًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ مَأْكُولًا كَانَ أَوْ مَشْرُوبًا مَكِيلًا كَانَ أَوْ مَوْزُونًا أَوْ غَيْرَ مِكِيلٍ وَلَا مَوْزُونٍ وَلَا مَأْكُولٍ وَلَا مَسْرُوقٍ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُ شَيْءٍ مِنْهُ قَبْلَ الْقَبْضِ
وَهُوَ مَذْهَبُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَهُمَا رَوَيَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ ((مَنِ ابْتَاعَ طَعَامًا فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يَقْبِضَهُ)) وَأَفْتَيَا جَمِيعًا بِأَنْ لَا يُبَاعَ شَيْءٌ حَتَّى يُقْبَضَ