للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ مَالِكٌ وَكُلُّ مَا اخْتَلَفَ مِنَ الطَّعَامِ وَالْأُدْمِ فَبَانَ اخْتِلَافُهُ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَشْتَرِيَ بَعْضَهُ بِبَعْضٍ جِزَافًا يَدًا بِيَدٍ فَإِنْ دَخَلَهُ الْأَجَلُ فَلَا خَيْرَ فِيهِ وَإِنَّمَا اشْتِرَاءُ ذَلِكَ جِزَافًا كَاشْتِرَاءِ بَعْضِ ذَلِكَ بِالذَّهَبِ وَالْوَرِقِ جِزَافًا

قَالَ مَالِكٌ وَذَلِكَ أَنَّكَ تَشْتَرِي الْحِنْطَةَ بِالْوَرِقِ جِزَافًا وَالتَّمْرَ بِالذَّهَبِ جِزَافًا فَهَذَا حَلَالٌ لَا بَأْسَ بِهِ

قَالَ أَبُو عُمَرَ عَلَى مَا رَسَمَهُ مَالِكٌ وَذِكْرُهُ مِنْ هَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَالْكُوفِيِّ وَجُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ فِي تَحْرِيمِ النَّسِيئَةِ فِي الطَّعَامِ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ مِنْ صِنْفٍ وَاحِدٍ كَانَ أَوْ مِنْ صِنْفَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ

وَتَحْرِيمُ النَّسِيئَةِ دُونَ التَّفَاضُلِ فِي الْجِنْسَيْنِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنَ اخْتِلَافِ أُصُولِهِمْ فِي الْأَصْنَافِ وَالْأَجْنَاسِ وَكُلُّ مَا جَازَ فِيهِ التَّفَاضُلُ مِنَ الطَّعَامِ جَازَ بَيْعُ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ جِزَافًا صُبَرًا وَغَيْرَ صُبَرٍ وَمَعْلُومًا بِمَجْهُولٍ وَمَجْهُولًا بِمَجْهُولٍ وَأَمَّا مَا لَا يَجُوزُ فِيهِ التَّفَاضُلُ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ جِزَافًا وَلَا يُبَاعُ مِنْهُ مَعْلُومٌ بِمَجْهُولِ الْمِقْدَارِ وَلَا مَجْهُولٌ بِمَعْلُومِ الْمِقْدَارِ

وَهَذَا كُلُّهُ قَدْ تَقَدَّمَ مِثْلُهُ فِي بَابِ بَيْعِ الْفَاكِهَةِ وَذَكَرْنَا هُنَاكَ أَيْضًا مَذْهَبَ الْكُوفِيِّينَ فِي أَنَّ الْجِنْسَ بِانْفِرَادِهِ يُحَرِّمُ النَّسِيئَةَ

وَكَذَلِكَ الْكَيْلُ وَالْوَزْنُ عِنْدَهُمْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِانْفِرَادِهِ يُحَرِّمُ النَّسِيئَةَ وَإِنِ اخْتَلَفَ الْجِنْسُ

وَالشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ وَالْكُوفِيُّونَ مُتَّفِقُونَ فِي أَنَّ الصِّنْفَ الْوَاحِدَ يَحْرُمُ فِيهِ النَّسِيءُ وَالتَّفَاضُلُ فِي الْمَأْكُولِ وَالْمَشْرُوبِ الْمُدَّخَرِ عِنْدَ مَالِكٍ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ الْمَأْكُولُ مُدَّخَرٌ وَغَيْرُ مُدَّخَرٍ وَالْجِنْسَانِ مِنَ الْمَأْكُولِ وَالْمَشْرُوبُ يَجُوزُ فِيهِمَا التَّفَاضُلُ وَيُحَرِّمُ النَّسِيئَةَ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنَ اخْتِلَافِ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ فِي الْمَأْكُولِ غَيْرِ الْمُدَّخَرِ

وَزَادَ الْكُوفِيُّونَ عَلَى الْحِجَازِيِّينَ مُرَاعَاةَ الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ وَإِنِ اخْتَلَفَ الْجِنْسُ لِأَنَّ الْكَيْلَ وَالْوَزْنَ عِنْدَهُمْ كَالْجِنْسِ وَغَيْرُ الْمَأْكُولِ وَالْمَشْرُوبِ عِنْدَهُمْ كَالْمَأْكُولِ وَالْمَشْرُوبِ إِذَا كَانَ بِوَزْنٍ فَهُوَ جِنْسٌ أَوْ كَانَ يُكَالُ فَهُوَ جِنْسٌ وَالْجِنْسُ عِنْدَهُمُ الصِّنْفُ عِنْدَنَا

وَقَدْ مَضَى ذَلِكَ كُلُّهُ فِي بَابِ بَيْعِ الْفَاكِهَةِ بِأَبْسَطَ مِنْ هَذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>