للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال عيسى بن دينار سألت بن الْقَاسِمِ عَنْ تَفْسِيرِ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ فَقَالَ لِي بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ يَبْلُغَ لَكَ تَفْسِيرُهُ وَأَصْلُ مَا بَنَيْنَا عَلَيْهِ وَتَعْرِفُ بِهِ مَكْرُوهَهُمَا أَنَّهُمَا إِذَا تَبَايَعَا بِأَمْرٍ يَكُونُ إِذَا فُسِخَتْ إِحْدَاهُمَا فِي صَاحِبِهِ كَانَ حراما أو يكون إذ فُسِخَتْ إِحْدَاهُمَا فِي صَاحِبِهِ لَمْ يَكُنْ حَرَامًا وَكَانَ غَرَرًا لَا يَدْرِي مَا عَقَدَ بِهِ بَيْعَ سِلْعَتِهِ وَلَا مَا وَجَبَ لَهُ وَهَذَا مِنْ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ وَأَصْلُهَا الْغَرَرُ وَالْمُخَاطَرَةُ وَهُوَ فَسْخٌ إِنْ وَقَعَ إِلَّا أَنْ تَفُوتَ السِّلْعَةُ عِنْدَ مُبْتَاعِهَا فَيَكُونُ لَهُ بِقِيمَتِهَا يَوْمَ ابْتَاعَهَا

قَالَ عِيسَى وَتَفْسِيرُ ذَلِكَ أَنْ تَقُولَ سِلْعَتِي هَذِهِ لَكَ - إِنْ شِئْتَ - بِدِينَارٍ نَقْدًا وَإِنْ شِئْتَ بِدِينَارَيْنِ إِلَى أَجَلٍ قَدْ وَجَبَ عَلَيْكَ الْأَخْذُ بِأَحَدِهِمَا فَهُوَ إِنْ أَخَذَهَا بِالدِّينَارِ كَانَ نَقْدًا قَدْ فَسَخَ دِينَارَيْنِ إِلَى أَجَلٍ فِي دِينَارٍ نَقْدًا وَإِنْ أَخَذَهَا بِدِينَارٍ إِلَى أَجَلٍ كَانَ قَدْ فَسَخَ دِينَارًا نَقْدًا بِدِينَارَيْنِ إِلَى أَجَلٍ

فَهَذَا الَّذِي إِنْ فَسَخَهُ فِي صَاحِبِهِ لَمْ يَحِلَّ وَأَمَّا الَّذِي إِنْ فَسَخَهُ مِنْ صَاحِبِهِ كَانَ حَلَالًا وَكَانَ غَرَرًا لَا يَدْرِي مَا عَقَدَ بِهِ بَيْعَ سِلْعَتِهِ فَهُوَ أَنْ يَقُولَ خُذْهَا بِدِينَارٍ نَقْدًا أَوْ بِشَاةٍ قَائِمَةٍ نَقْدًا فَذَلِكَ مِلْكُ الْآخَرِ يَأْخُذُهَا فَهُوَ الَّذِي إِنْ فَسَخَ أَحَدُهُمَا فِي صَاحِبِهِ كَانَ حَلَالًا وَكَانَ غَرَرًا لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي مَا عَقَدَ عَلَيْهِ بَيْعَهُ

قَالَ أَبُو عُمَرَ مَا زَادَ عِيسَى عَلَى أَنْ أَتَى بِمَا ذَكَرَهُ مَالِكٌ فِي ((الْمُوَطَّأِ)) إِلَّا أَنَّهُ سَمَّى الْغَرَرَ حَلَالًا وَذَهَبَ إِلَى تَفْسِيرِ ظَنِّهِ فِي الدِّينَارِ نَقَدًا فِي الشَّاةِ وَجَعَلَ الْوَجْهَ مِنَ الْآخَرِ حَرَامًا لِأَنَّهُ عِنْدَهُ فِي ظَنِّهِ دِينَارٌ بِدِينَارَيْنِ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ أَنَّ بَيْعَ الْغَرَرِ لَيْسَ بِحَلَالٍ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلمنهى عَنْهُ كَمَا نَهَى عَنْ بَيْعِ الذَّهَبِ بِالذَّهَبِ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ يَدًا بِيَدٍ فَكَيْفَ صَارَ فِعْلُ مَنْ وَاقَعَ مَا نَهَى عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ بَيْعِ الْغَرَرِ حَلَالًا وَصَارَ فِعْلُ مَنْ وَاقَعَ مَا نَهَى عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْوَجْهِ الْآخَرِ حَرَامًا عَلَى أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ الْفَاعِلَيْنِ لَمْ يَقْصِدْ فِي ظَاهِرِ أَمْرِهِ مَا نَهَى عَنْهُ وَلَكِنَّهُ فَعَلَ فِعْلًا يُشْبِهُهُ

وَحَصَلَ عِنْدَ مَالِكٍ وَمَنْ تَابَعَهُ فِي حُكْمِ مَنْ فَعَلَهُ قَاصِدًا إِلَيْهِ فَلَمَّا صَارَ فِعْلُ مَنْ وَاقَعَ أَحَدَ النَّهْيَيْنِ قَاصِدًا أَوْ جَاهِلًا حَلَالًا وَمَنْ لَمْ يَكُنْ مَنْ وَاقَعَ النَّهْيَ الثَّانِي مِثْلَهَا وَكِلَاهُمَا مُتَسَاوِيَانِ فِي فَسْخِ الْبَيْعِ إِنْ أَدْرَكَ وَإِصْلَاحُهُ بِالْقِيمَةِ إِنْ فَاتَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي هَذَا الْبَابِ هُوَ قَوْلُ رَبِيعَةَ وَأَبِي الزِّنَادِ وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ

وَبِهِ قَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>