للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ فَذَكَرَ الْمُزَنِيُّ وَالرَّبِيعُ وَالزَّعْفَرَانِيُّ عَنْهُ مَعْنَى نَهْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ أَنْ أَبِيعَكَ عَبْدًا بِأَلْفٍ نَقْدًا أَوْ أَلْفَيْنِ إِلَى سَنَةٍ وَلَا أَعْقِدُ الْبَيْعَ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا فَهَذَا تَفَرُّقٌ عَنْ ثَمَنٍ غَيْرِ مَعْلُومٍ

قَالَ الْمُحْتَمَلُ أَنْ يَقُولَ أَبِيعُكُ عَبْدِي هَذَا بِأَلْفٍ عَلَى أَنْ تَبِيعَنِي دَارَكَ بِأَلْفٍ إِذَا وَجَبَ لَكَ عَبْدِي وَجَبَتْ لِي دَارُكَ فَيَكُونُ الْعَبْدُ بِثَمَنٍ غَيْرِ مَعْلُومٍ لِأَنِّي مَا نَقَصْتُ فِي الْعَبْدِ أَدْرَكْتُهُ بِمَا ازْدَدْتُ فِي الدَّارِ فَتَكُونُ الدَّارُ بِغَيْرِ ثَمَنٍ مَعْلُومٍ إِنِّي مَا ازْدَدْتُ فِي الدَّارِ أَدْرَكْتُ فِي الْعَبْدِ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَائِعٌ مُشْتَرٍ بِثَمَنٍ لَا يُوقَفُ عَلَى حَقِيقَتِهِ فَبَيْعُهُمَا مَفْسُوخٌ وَهُوَ يُشْبِهُ مَا نُهِيَ عَنْهُ مِنْ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ إِذَا اشْتَرَى الرَّجُلُ بَيْعًا مِنْ رَجُلٍ إِلَى أَجَلَيْنِ فَتَفَرَّقَا عَلَى ذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ وَذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَكُونُ إِلَى أَجَلَيْنِ إِلَّا عَنْ ثَمَنَيْنِ

فَإِنْ قَالَ هُوَ بِالنَّقْدِ بِكَذَا وَبِالنَّسِيئَةِ بِكَذَا ثُمَّ افْتَرَقَا عَلَى قَطْعِ أَحَدِ الْبَيْعَتَيْنِ فَهُوَ جَائِزٌ

قَالُوا وَمَنْ بَاعَ عَبْدَهُ مِنْ رَجُلٍ عَلَى أَنْ يَبِيعَهُ الْآخَرُ عَبْدَهُ بِثَمَنٍ ذَكَرَهُ لَمْ يَجُزْ

فَمَعْنَى قَوْلِ الْكُوفِيِّينَ فِي هَذَا الْبَابِ نَحْوُ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ

وَقَالَ مَالِكٌ فِيمَنْ قَالَ أَبِيعُكَ هَذَا الثَّوْبَ بِعَشَرَةٍ نَقْدًا أَوْ بِخَمْسَةَ عَشَرَ إِلَى أَجَلٍ إِذَا كَانَ الْبَائِعُ وَالْمُبْتَاعُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إِنْ شَاءَ أَنْ يَتْرُكَ الْبَيْعَ تَرَكَ وَلَا يَلْزَمُهُ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ

وَلَا يَجُوزُ عِنْدَ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ إِنِ افْتَرَقَا عَلَى ذَلِكَ بِالِالْتِزَامِ حَتَّى يَفْتَرِقَا عَلَى وَجْهٍ وَاحِدٍ

وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ

وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ إِنِ افْتَرَقَا عَلَى ذَلِكَ وَقَبَضَ السِّلْعَةَ فَهِيَ بِأَقَلِّ الثَّمَنَيْنِ إِلَى أَبْعَدِ الأجلين

وقال بن شُبْرُمَةَ إِذَا فَارَقَهُ عَلَى ذَلِكَ فَضَاعَ فَعَلَيْهِ أَقَلُّ الثَّمَنَيْنِ نَقْدًا

وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّهُ إِذَا افْتَرَقَ عَلَى إِلْزَامِ إِحْدَى الْبَيْعَتَيْنِ بِغَيْرِ عَيْنِهِمَا فَلَا يَجُوزُ عِنْدَ جَمِيعِهِمْ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ وَافْتَرَقَا عَلَى غَيْرِ ثَمَنٍ مَعْلُومٍ فَإِنِ افْتَرَقَا عَلَى الْبَيْعَتَيْنِ مَعًا عَلَى غَيْرِ الْتِزَامٍ بِثَمَنٍ يَلْزَمُ إِحْدَاهُمَا بَعْدَ ذَلِكَ فَأَجَازَهُ مَالِكٌ وَجَعَلَهُ مِنْ بَابِ بَيْعِ الْخِيَارِ

وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ لَا يَجُوزُ إِذَا افْتَرَقَا عَلَى غَيْرِ ثَمَنٍ مَعْلُومٍ وَلَا بِالْتِزَامٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>