فَاتَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي أَوْ لَمْ يَفُتْ وَهُوَ مِمَّا قَدْ وَقَعَتْ عَلَيْهِ الصَّفْقَةُ كَمَا وَقَعَتْ عَلَى الْمُصَرَّاةِ نَفْسِهَا
وَقَالُوا وَهَذَا كُلُّهُ يُبَيِّنُ أَنَّ الْحَدِيثَ فِي الْمُصَرَّاةِ مَنْسُوخٌ كَمَا نُسِخَتِ الْعُقُوبَاتُ فِي غَرَامَةِ مِثْلَيِ الشَّيْءِ وَذَلِكَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَرِيسَةِ الْجَبَلِ الَّتِي لَا قَطْعَ فِيهَا غَرَامَةُ مِثْلَيْهَا وَجَلَدَاتُ نَكَالٍ نَسَخَهُ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ (فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ) الْبَقَرَةِ ١٩٤
وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ وَصَاعًا مِنْ تَمْرٍ مَنْسُوخٌ أَيْضًا بِتَحْرِيمِ الرِّبَا لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعَلَ الطَّعَامَ بِالطَّعَامِ رِبًا إِلَّا هَاءَ وهاء وجعل فِيمَنِ اسْتَهْلَكَ طَعَامًا طَعَامًا مِثْلَهُ قَالَ فَإِنْ فَاتَ فَقِيمَتُهُ ذَهَبًا أَوْ وَرِقًا
قَالُوا وَهَذَا كُلُّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ حَدِيثَ الْمُصَرَّاةِ مَنْسُوخٌ
قال أبو عمر حديث المصراة حديث صَحِيحٌ لَا يَدْفَعُهُ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ وَمَعْنَاهُ صَحِيحٌ فِي أُصُولِ السُّنَّةِ وَذَلِكَ أَنَّ لَبَنَ التَّصْرِيَةِ لَمَّا اخْتَلَطَ بِاللَّبَنِ الطَّارِئِ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي لَمْ يَتَهَيَّأْ تَقْدِيرُ مَا لِلْبَائِعِ مِنْ ذَلِكَ فَيَكُونُ عَلَى الْمُشْتَرِي قِيمَتُهُ لِأَنَّ تَقْوِيمَ مَا لَا يُعْرَفُ غَيْرُ مُمْكِنٍ وَلَمَّا كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا شَيْءٌ مِنَ اللَّبَنِ وَكَانَا جَمِيعًا عَاجِزَيْنِ عَنْ تَحْدِيدِهِ حَكَمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْبَائِعِ بِصَاعٍ مِنْ تَمْرٍ لِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ الْغَالِبَ فِي قُوتِهِمْ يَوْمَئِذٍ
وَفِي الْأُصُولِ مَا يَشْهَدُ لِذَلِكَ مِثْلُ حُكْمِهِ فِي الْجَنِينِ وَفِي الْأَصَابِعِ وَالْأَسْنَانِ جَعَلَ الصَّغِيرَ مِنْهَا كَالْكَبِيرِ
وَكَذَلِكَ الْمُوضِحَةُ حَكَمَ فِي صَغِيرِهَا وَكَبِيرِهَا بِحُكْمٍ وَاحِدٍ لِأَنَّهُ لَا يُوقَفُ عَلَى صِحَّةِ تَفْضِيلِ بَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْجَمَالِ وَالْمَنْفَعَةِ
وَرَوَى الشَّافِعِيُّ وَمُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيُّ وَعَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ الْمُزَنِيُّ وَغَيْرُهُمْ قَالُوا حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ الزَّنْجِيُّ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَجُلًا اشْتَرَى عَبْدًا فَاسْتَغَلَّهُ ثُمَّ ظَهَرَ مِنْهُ عَلَى عَيْبٍ فَخَاصَمَ فِيهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَضَى لَهُ بِرَدِّهِ فَقَالَ الْبَائِعُ يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّهُ قَدْ أَخَذَ خَرَاجَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute