وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَالْكُوفِيِّينَ
وَقَدْ خَالَفَ فِي ذَلِكَ بَعْضُ التَّابِعِينَ وَجَعَلَ الْقَوْلَ قَوْلَ الشَّفِيعِ لِوُجُوبِ الشُّفْعَةِ لَهُ وَجَعَلَ الْمُشْتَرِي مُدَّعِيًا فِي الثَّمَنِ أَوْ قِيمَتِهِ إِنْ كَانَ عَرَضًا لِأَنَّهُ أَخَذَ لَهُ وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَوْلَى بِالصَّوَابِ لِمَا ذَكَرْنَا وَبِاللَّهِ تَوْفِيقُنَا
وَكَذَلِكَ لَوِ اخْتَلَفَ الْمُشْتَرَى وَالشَّفِيعُ فِي مَبْلَغِ الثَّمَنِ وَلَمْ يَكُنْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةٌ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ الْمَطْلُوبُ بِالشُّفْعَةِ وَالْمَأْخُوذُ مِنْهُ الشِّقْصُ وَلَوْ أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةَ عَلَى مَا ادَّعَى فَفِيهَا قَوْلَانِ لِلْفُقَهَاءِ
(أَحَدُهُمَا) الْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الشَّفِيعِ
(وَالْأُخْرَى) الْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْمُشْتَرِي
وَكَذَلِكَ لَوْ أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةَ عَلَى مَا حَكَاهُ مِنْ ثَمَنِ الْعَرْضِ الَّذِي هُوَ لِلشُّفْعَةِ
وَأَمَّا اخْتِلَافُ أَصْحَابِ مَالِكٍ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَفِي سَائِرِ مَسَائِلِ الشُّفْعَةِ فَكَثِيرَةٌ لَا يُحْصَى كَثْرَةً
وفي (المدونة) قال بن الْقَاسِمِ الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي مَعَ يَمِينِهِ إِذَا اخْتَلَفَا فِي ثَمَنِ الشِّقْصِ وَكَانَ قَدْ أَتَى بِمَا يُشْبِهُ فَإِنْ أَتَى بِمَا لَا يُشْبِهُ وَأَتَى الشَّفِيعُ بِمَا يُشْبِهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ وَمَنْ أَتَى مِنْهُمَا بِبَيِّنَةٍ قُضِيَ لَهُ فَإِنْ أَتَيَا جَمِيعًا بِالْبَيِّنَةِ فَإِنْ تَكَافَئَا فِي الْعَدَالَةِ سَقَطَتَا وَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي فَإِنْ لَمْ يَتَكَافَئَا قُضِيَ بِأَعْدَلِهِمَا
وَقَالَ سَحْنُونٌ الْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْمُشْتَرِي لِأَنَّهَا زَادَتْ عِلْمًا
وَرَوَى أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ قَالَ إِذَا كَانَ الْمُشْتَرِي ذَا سُلْطَانٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي الثَّمَنِ فَلَا يَمِينَ لِأَنَّ مِثْلَهُ يَرْغَبُ فِي الثَّمَنِ عِنْدَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَأَرَى عَلَيْهِ الْيَمِينَ
وَقَالَ أَشْهَبُ القول قول المشتري مع يمينه إذا ادعى مَا لَا يُشْبِهُ فَإِنِ ادَّعَى مَا يُشْبِهُ فالقول قوله بلا يمين
وذكر بن حَبِيبٍ عَنْ مُطَرِّفٍ أَنَّهُ قَالَ الْقَوْلُ قَوْلُ المشتري مع يمينه إذا ادعى ما لا يُشْبَهُ وَأَتَى بِالسَّرَفِ لِأَنَّهُ مُدَّعًى عَلَيْهِ
قَالَ بن حَبِيبٍ إِنَّمَا يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي مَا لَمْ يَأْتِ بِالسَّرَفِ فَإِنْ أَتَى بِالسَّرَفِ رُدَّ إِلَى الْقِيمَةِ وَخُيِّرَ الشَّفِيعُ إِنْ شَاءَ أَخَذَ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ
قَالَ مَالِكٌ مَنْ وَهَبَ شِقْصًا فِي دَارٍ أَوْ أَرْضٍ مُشْتَرِكَةٍ فَأَثَابَهُ الموهوب له