بِهَا نَقْدًا أَوْ عَرْضًا فَإِنَّ الشُّرَكَاءَ يَأْخُذُونَهَا بِالشُّفْعَةِ إِنْ شَاؤُوا وَيَدْفَعُونَ إِلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ قِيمَةَ مَثُوبَتِهِ دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ
قَالَ مَالِكٌ مَنْ وَهَبَ هِبَةً فِي دَارٍ أَوْ أَرْضٍ مُشْتَرَكَةٍ فَلَمْ يُثَبْ مِنْهَا وَلَمْ يَطْلُبْهَا فَأَرَادَ شَرِيكُهُ أَنْ يَأْخُذَهَا بِقِيمَتِهَا فَلَيْسَ ذَلِكَ لَهُ مَا لَمْ يُثَبْ عَلَيْهَا فَإِنْ أُثِيبَ فَهُوَ لِلشَّفِيعِ بِقِيمَةِ الثَّوَابِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ كان مالك في صدر من عُمْرِهِ يَرَى فِي الْهِبَةِ الشُّفْعَةَ وَإِنْ كَانَتْ لِغَيْرِ ثَوَابٍ لِأَنَّهُ انْتِقَالُ مِلْكٍ ثُمَّ رَجَعَ عَنْ ذَلِكَ وَلَمْ يَرَ الْهِبَةَ لِغَيْرِ ثَوَابِ شفعة
ذكر ذلك عنه بن عَبْدِ الْحَكَمِ
وَأَمَّا الْهِبَةُ لِلثَّوَابِ فَهِيَ عِنْدَهُ كَالْبَيْعِ وَفِيهَا الشُّفْعَةُ لَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ وَلَا قَوْلَ أَصْحَابِهِ إِلَّا أَنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَوْ أَنَّ الْمَوْهُوبَ لَهُ أَثَابَ الْوَاهِبَ باكثر من قيمة الشقص الموهوب
فقال بن الْقَاسِمِ لَا يَأْخُذُهُ إِلَّا بِقِيمَةِ الثَّوَابِ كُلِّهِ قَالَ وَلِهَذَا يَهَبُ النَّاسُ مِنَ الْهِبَاتِ وَلَمْ يَذْكُرْ قُوتًا بَلْ قَالَ ذَلِكَ مُجْمَلًا
وَقَالَ أَشْهَبُ إِذَا أَتَى بِهِ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ الْهِبَةَ قَوْلَانِ
فَلَيْسَ لِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَهُ إِلَّا بِجَمِيعِ الثَّوَابِ أَوْ شِرْكِهِ
وان كان بعد الفوت فله ان يستشفع بقيمة الشقص فقط
وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ فَالْهِبَةُ لِلثَّوَابِ عِنْدَهُ بَاطِلٌ مَرْدُودَةٌ لِأَنَّهَا عِنْدَهُ مِنْ بَابِ الْبَيْعِ بِثَمَنٍ مَجْهُولٍ وَسَيَأْتِي ذَلِكَ فِي بَابِ الْهِبَاتِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ
قَالَ وَلَا شُفْعَةَ لِلشَّافِعِيِّ فِي الْهِبَةِ لِلثَّوَابِ لِأَنَّهُ مَرْدُودٌ مِنْ فِعْلِ مَنْ فَعَلَهُ
وَأَمَّا الْكُوفِيُّونَ فَيُجِيزُونَ الْهِبَةَ لِلثَّوَابِ وَيُضَمِّنُونَهَا اتِّبَاعًا لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَسَنَذْكُرُ ذَلِكَ فِي مَوْضِعِهِ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ
وَلَكِنَّهُمْ لَا يَرَوْنَ الْهِبَةَ لِلثَّوَابِ شُفْعَةً لِأَنَّهَا عِنْدَهُمْ هِبَةٌ لَيْسَتْ بِبَيْعٍ
وَكَذَلِكَ لَا شُفْعَةَ عِنْدِهِمْ فِي صَدَاقٍ وَلَا أُجْرَةٍ وَلَا جُعْلٍ وَلَا خُلْعٍ وَلَا فِي شَيْءٍ صُولِحَ عَلَيْهِ مِنْ دَمٍ عَمْدٍ
قَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ اشْتَرَى شِقْصًا فِي أَرْضٍ مُشْتَرِكَةٍ بِثَمَنٍ إِلَى أَجَلٍ فَأَرَادَ الشَّرِيكُ أَنْ يَأْخُذَهَا بِالشُّفْعَةِ