للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَبِيهِ وَلَا دَعْوَى أَحَدٍ عَلَى غَيْرِهِ قَالَ الله (عز وجل) (وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا) الْأَنْعَامِ ١٦٤

وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (يَا عَبْدَ بْنَ زَمْعَةَ) فَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي مَعْنَاهُ عَلَى مَا نُورِدُهُ بِعَوْنِ اللَّهِ تَعَالَى

فَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ إِنَّمَا قَالَ لَهُ (هُوَ لَكَ) أَيْ هُوَ أَخُوكَ كَمَا ادَّعَيْتَ قَضَى فِي ذَلِكَ بِعِلْمِهِ لِأَنَّ زَمْعَةَ بْنَ قَيْسٍ كَانَ صِهْرَهُ وَسَوْدَةَ بِنْتَ زَمْعَةَ كَانَتْ زَوْجَتَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ عَلِمَ أَنَّ تِلْكَ الْأَمَةَ كَانَ يَمَسُّهَا زَمْعَةُ سَيِّدُهَا فَصَارَتْ فِرَاشًا لَهُ بِذَلِكَ فَأَلْحَقَ وَلَدَهَا بِهِ لِمَا قَدْ عَلِمَهُ مِنْ فِرَاشِ زَمْعَةَ إِلَّا أَنَّهُ قَضَى بِهِ لِاسْتِلْحَاقِ عَبْدِ بْنِ زَمْعَةَ لَهُ

وَقَدْ مَضَى مَا لِلْعُلَمَاءِ فِي قَضَاءِ الْقَاضِي بِعِلْمِهِ فِي صَدْرِ هَذَا الْكِتَابِ

وَمَنْ قَالَ بِهَذَا لَمْ يَجُزْ عِنْدَهُ أَنْ يَسْتَلْحِقَ الْأَخَ بِحَالٍ مِنَ الْأَحْوَالِ

وَكَانَ مَالِكٌ يَقُولُ لَا يَسْتَلْحِقُ أَحَدٌ غَيْرَ الْأَبِ وَلَا يَقْضِي الْقَاضِي بِعِلْمِهِ

وَالْكُوفِيُّونَ يَقُولُونَ يَقْضِي الْقَاضِي بِعِلْمِهِ عَلَى اخْتِلَافِهِمْ فِيمَا عَلِمَهُ قَبْلَ وِلَايَةِ الْقَضَاءِ وَبَعْدَ ذَلِكَ

وَكُلُّهُمْ يَقُولُ لَا يَسْتَلْحِقُ الْأَخُ بِحَالٍ

وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْمُزَنِيُّ وَالْبُوَيْطِيُّ وَهُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ أَنَّ الْأَخَ لَا يَسْتَلْحِقُ وَحْدَهُ كَانَ أَوْ مَعَ أَخٍ يُخَالِفُهُ

وَلِلشَّافِعِيِّ قَوْلٌ آخَرُ أَنَّهُ يَقْبَلُ إِقْرَارَ الْوَارِثِ عَلَى الْمَوْرُوثِ بِالنَّسَبِ كَمَا يَقْبَلُ إِقْرَارَهُ عَلَيْهِ بِالدَّيْنِ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ غَيْرُ الْمُقِرِّ وَهُوَ قَوْلُ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ

وَرَوَى الرَّبِيعُ عَنْهُ في كتاب البويطي قال لا يَجُوزُ إِقْرَارُ الْأَخِ بِأَخِيهِ إِذَا كَانَ ثَمَّ مَنْ يَدْفَعُهُ مِنَ الْوَرَثَةِ وَلَا يَلْحَقُ نَسَبَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ مَنْ يَدْفَعُهُ لَحِقَ نَسَبَهُ وَاحْتَجَّ بِحَدِيثِ عَبْدِ بْنِ زَمْعَةَ

قَالَ الرَّبِيعُ قَالَ أَبُو يَعْقُوبَ الْبُوَيْطِيُّ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ عِنْدِي كَانَ مَنْ يَدْفَعُهُ ثَمَّ أَوْ لَمْ يَكُنْ لِأَنَّهُ إِنَّمَا يَجُوزُ إِقْرَارُ الْإِنْسَانِ عَلَى نَفْسِهِ وَهَذَا يُقِرُّ عَلَى غَيْرِهِ وَإِنَّمَا الحق النبي - عليه السلام - بن وَلِيدَةِ زَمْعَةَ بِأَبِيهِ لِمَعْرِفَتِهِ بِفِرَاشِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

قَالَ أَبُو عُمَرَ الْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ أَنَّ الْأَخَ لَا يَسْتَلْحِقُ وَلَا يَثْبُتُ بِقَوْلِهِ نَسَبٌ وَلَا يَلْزَمُ الْمُقِرُّ بِأَخٍ أَنْ يُعْطِيَهُ شَيْئًا مِنَ الْمِيرَاثِ مِنْ جِهَةِ الْقَضَاءِ لِأَنَّهُ أَقَرَّ لَهُ بِمَا لَمْ يَثْبُتْ لَهُ أَصْلُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>