للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد ذكرنا في (التمهيد) في ذلك اثارا مُسْنَدَةٌ وَذَكَرْنَا حَدِيثَ الْأَعْمَشِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ اسْتُشْهِدَ مِنَّا غُلَامٌ يَوْمَ أُحُدٍ فَجَعَلَتْ أُمُّهُ تَمْسَحُ التُّرَابَ عَنْ وَجْهِهِ وَتَقُولُ أَبْشِرْ هَنِيئًا لَكَ الْجَنَّةُ فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَمَا يُدْرِيكِ لَعَلَّهُ كَانَ يَتَكَلَّمُ فِيمَا لَا يَعْنِيهِ وَيَمْنَعُ مَا لَا يَضُرُّهُ (١)

وَالْأَعْمَشُ لَا يَصِحُّ لَهُ سَمَاعٌ مِنْ أَنَسٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

وَلَمْ يَخْتَلِفُوا فِي أَنَّهُ لَا يَحْتَجُّ مِنْ حَدِيثِهِ بِمَا لَمْ يَذْكُرْهُ عَنِ الثِّقَاتِ وَبِسَنَدِهِ لِأَنَّ كَانَ يُدَلِّسُ عَنِ الضُّعَفَاءِ

وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ فَلَا يَرَوْنَ أَنْ يُقْضَى بِشَيْءٍ مِمَّا ذَكَرْنَا فِي هَذَا الْبَابِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نهي الجار ان يمنع جاره من غرز الخشبة فِي جِدَارِهِ

وَعَنْ عُمَرَ فِي قِصَّةِ الْخَلِيجِ فِي أَرْضِ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ وَلَا مَا كَانَ مِثْلَ ذَلِكَ كُلِّهِ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ) أَيْ مِنْ بَعْضِكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا عَنْ طِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ)

وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ الْمَعْمُولِ بِهِ

فروى اصبغ عن بن الْقَاسِمِ قَالَ لَا يُؤْخَذُ بِمَا قَضَى بِهِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ فِي الْخَلِيجِ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ أَحَقَّ بِمَالِ أَخِيهِ مِنْهُ إِلَّا بِرِضَاهُ

قَالَ وَأَمَّا مَا حُكِمَ بِهِ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ مِنْ تَحْوِيلِ الرَّبِيعِ مِنْ مَوْضِعِهِ إِلَى نَاحِيَةٍ أُخْرَى مِنَ الْحَائِطِ فَإِنَّهُ يُؤْخَذُ بِهِ وَيُعْمَلُ بِمِثْلِهِ لِأَنَّ مَجْرَى ذَلِكَ الرَّبِيعِ كَانَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ ثَابِتًا فِي الْحَائِطِ وَإِنَّمَا أَرَادَ تَحْوِيلَهُ إِلَى نَاحِيَةٍ أُخْرَى مِنَ الْحَائِطِ وَإِنَّمَا هِيَ أَقْرَبُ عَلَيْهِ وَأَنْفَعُ وَأَرْفَقُ لِصَاحِبِ الْحَائِطِ وَكَذَلِكَ حَكَمَ عَلَيْهِ عُمَرُ بِتَحْوِيلِهِ

وَأَمَّا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ حَبِيبٍ فَإِنَّهُ اضْطَرَبَ فِي هَذَا الْبَابِ وَلَمْ يَثْبُتْ فِيهِ عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ وَلَا مَذْهَبِ الْعِرَاقِيِّينَ وَلَا مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَتَنَاقَضَ فِي ذلك فقال

<<  <  ج: ص:  >  >>