فَهَذِهِ الْأَلْفَاظُ كُلُّهَا تَدُلُّ عَلَى جَوَازِ الْعَطِيَّةِ عَلَى كَرَاهَةِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهَا مِنْ أَجْلِ مَا خَافَ عَلَيْهِ مِنْ دُخُولِ الْعُقُوقِ عَلَيْهِ مِنْ بَنِيهِ
وَلَيْسَ فِي هَذِهِ الْأَلْفَاظِ أَنَّهُ أَمَرَهُ بِرَدِّ الْعَطِيَّةِ
وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الرَّجُلِ يُعْطِي بَعْضَ وَلَدِهِ دُونَ بَعْضٍ
فَقَالَ طَاوُسٌ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يُفَضِّلَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ فَإِنْ فَعَلَ لَمْ يَنْفُذْ وَفُسِخَ
وَبِهِ قَالَ أَهْلُ الظَّاهِرِ
وَرُوِيَ مِثْلُهُ عَنْ أَحْمَدَ
وَحُجَّتُهُمْ فِي ذَلِكَ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَارْتَجِعْهُ) وَقَوْلُهُ (فَارْدُدْهُ) مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ
وَقَالَ مَالِكٌ وَاللَّيْثُ وَالثَّوْرِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُمْ لَا بَأْسَ أَنْ يُفَضِّلَ بَعْضَ وَلَدِهِ بِالنِّحْلَةِ دُونَ بَعْضٍ وَيُؤْثِرَهُ بِالْعَطِيَّةِ دُونَ سَائِرِ وَلَدِهِ وَهُمْ مَعَ ذَلِكَ يَكْرَهُونَ ذَلِكَ عَلَى مَا نَذْكُرُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَالتَّسْوِيَةُ فِي الْعَطَايَا إِلَى الْبَنِينَ أَحَبُّ إِلَى جَمِيعِهِمْ
وَكَانَ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَقُولُ إِنَّمَا مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ الَّذِي جَاءَ فِيهِ فِيمَنْ نَحَلَ بَعْضَ وَلَدِهِ مَالَهُ كُلَّهُ
قَالَ وَقَدْ نَحَلَ أَبُو بَكْرٍ عَائِشَةَ دُونَ وَلَدِهِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ ذَكَرَهُ فِي (الْمُوَطَّأِ) عَنْ هِشَامٍ عن بن شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ
١٤٤٠ - عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ إِنْ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ نَحَلَهَا جَادَّ عِشْرِينَ وَسْقًا مِنْ مَالِهِ بِالْغَابَةِ فَلَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ قَالَ وَاللَّهِ يَا ابْنَتِي مَا مِنَ النَّاسِ أَحَدٌ أَحَبُّ إِلَيَّ غِنًى بَعْدِي مِنْكِ وَلَا أَعَزُّ عَلَيَّ فَقْرًا بَعْدِي مِنْكِ وَإِنِّي كُنْتُ نَحَلْتُكِ جَادَّ عِشْرِينَ وَسْقًا فَلَوْ كُنْتِ جَدَدْتِيهِ وَاحْتَزْتِيهِ كَانَ لَكِ وَإِنَّمَا هُوَ الْيَوْمَ مَالُ وَارِثٍ وَإِنَّمَا هُمَا أَخَوَاكِ وَأُخْتَاكِ فَاقْتَسَمُوهُ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ (عَزَّ وَجَلَّ