للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَتْ عَائِشَةُ فَقُلْتُ يَا أَبَتِ! وَاللَّهِ لَوْ كَانَ كَذَا وَكَذَا لَتَرَكْتُهُ إِنَّمَا هِيَ أَسْمَاءُ فَمَنِ الْأُخْرَى قَالَ أَبُو بَكْرٍ ذُو بَطْنِ بِنْتِ خَارِجَةَ أَرَاهَا جَارِيَةً

قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ هَذَا أَنَّ مِنْ شَرْطِ صِحَّةِ الْهِبَةِ قَبَضَ الْمَوْهُوبِ لَهَا قَبْلَ مَوْتِ الْوَاهِبِ قَبْلَ الْمَرَضِ الَّذِي يَكُونُ مِنْهُ مَوْتُهُ وَسَنَذْكُرُ مَا لِلْفُقَهَاءِ فِي مَعْنَى قَبْضِ الْهِبَةِ وَحِيَازَتِهَا بَعْدُ فِي هَذَا الْبَابِ عِنْدَ قَوْلِ عُمَرَ مَا بَالُ رِجَالٍ يَنْحَلُونَ أَبْنَاءَهُمْ نُحْلًا ثم يمسكونها الحديث

وفي هذا حَدِيثِ عَائِشَةَ هَذَا جَوَازُ الْهِبَةِ الْمَجْهُولِ عَيْنُهَا إِذَا عُلِمَ مَبْلَغُهَا وَجَوَازُ هِبَةِ الْمَشَاعِ أَيْضًا

وَفِيهِ أَنَّ الْغِنَى أَحَبُّ إِلَى الْفُضَلَاءِ مِنَ الْفَقْرِ

وَأَمَّا إِعْطَاءُ الرَّجُلِ بَعْضَ وَلَدِهِ دُونَ بَعْضٍ وَتَفْضِيلُ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ فَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ

قَالَ الشَّافِعِيُّ تَرْكُ التَّفْضِيلِ فِي عَطِيَّةِ الْأَبْنَاءِ فِيهِ حُسْنُ الْأَدَبِ وَيَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ فِي الْحُكْمِ

قَالَ وَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِيمَا وَهَبَ لِابْنِهِ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَارْجِعْهُ)

قَالَ أَبُو عُمَرَ رُوِيَ عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ أَبِي الشَّعْثَاءِ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي التَّفْضِيلِ بَيْنَ الْأَبْنَاءِ فِي النُّحْلِ يُجَوِّزُهُ فِي الْحُكْمِ وَيَقْضِي بِهِ

وَقَالَ طَاوُسٌ لَا يَجُوزُ وَإِنْ كَانَ رَغِيفًا مُحْتَرِقًا

وَبِهِ قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الظَّاهِرِ

وَاسْتَدَلَّ الشَّافِعِيُّ بِأَنَّ هذا الحديث على الندب بنحو ما ستدل بِهِ مَالِكٌ مِنْ عَطِيَّةِ أَبِي بَكْرٍ عَائِشَةَ دُونَ سَائِرِ وَلَدِهِ

وَبِمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ رِوَايَةِ دَاوُدَ وَغَيْرِهِ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (أَيَسُرُّكَ أَنْ يَكُونُوا لَكَ فِي الْبِرِّ كُلُّهُمْ سواء قال نعم قال (فأشهد على هذا غَيْرِي)

قَالَ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ الْهِبَةِ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْمُرْهُ بِرَدِّهَا وَأَمَرَهُ بِتَأْكِيدِهَا بِإِشْهَادِ غَيْرِهِ عَلَيْهَا وَلَمْ يَشْهَدْ هُوَ عَلَيْهَا لِتَقْصِيرِهِ عَنْ أَوْلَى الْأَشْيَاءِ بِهِ وَتَرَكَ الْأَفْضَلَ لَهُ

وَقَالَ الثَّوْرِيُّ لَا بَأْسَ أَنْ يَخُصَّ الرَّجُلُ بَعْضَ وَلَدِهِ بِمَا شَاءَ

وَقَدْ رُوِيَ عَنِ الثَّوْرِيِّ أَنَّهُ كَرِهَ أَنَّ الْقَضَاءَ أَنْ يُفَضِّلَ الرَّجُلُ بَعْضَ وَلَدِهِ عَلَى بَعْضٍ فِي الْعَطِيَّةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>