وَفِي أَمْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَعْرِيفِ الضَّالَّةِ الَّذِي سَأَلَهُ عَنْهَا وَلَمْ يَقِلْ لَهُ لِمَ أَخَذْتَهَا وَأَمَرَهُ أَيْضًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَخْذِ الشَّاةِ وَلَمْ يَقُلْ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ كَمَا قَالَ فِي الْإِبِلِ دَعْهَا حَتَّى يَأْتِيَ بِهَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْأَفْضَلَ أَخْذُهَا وَتَعْرِيفُهَا لِأَنَّ تَرْكَهَا عَوْنٌ عَلَى ضَيَاعِهَا
وَمِنَ الْحَقِّ أَنْ يَحْفَظَ الْمُسْلِمُ عَلَى الْمُسْلِمِ مَالَهُ وَيَحُوطَهُ بِمَا أَمْكَنَهُ
وَمَنْ قَاسَ اللُّقَطَةَ عَلَى الْإِبِلِ فَقَالَ لَا تُؤْخَذُ لَمْ يُصِبِ الْقِيَاسَ
وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي اللُّقَطَةِ وَالضَّالَّةِ
فَكَانَ أَبُو عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ بْنُ سَلَامٍ يُفَرِّقُ بَيْنَ اللُّقَطَةِ وَالضَّالَّةِ وَقَالَ الضَّالَّةُ لَا تَكُونُ إِلَّا فِي الْحَيَوَانِ وَاللُّقَطَةُ فِي غَيْرِ الْحَيَوَانِ
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ إِنَّمَا الضَّوَالُّ مَا ضَلَّ بِنَفْسِهِ وَكَانَ يَقُولُ لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَدَعَ اللُّقَطَةَ وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَخْذُ الضَّالَّةِ
وَيَحْتَجُّ بِحَدِيثِ الْجَارُودِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (ضَالَّةُ الْمُؤْمِنِ حَرْقُ النَّارِ)
وَبِحَدِيثُ جَرِيرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ (لَا يَأْوِي الضَّالَّةَ إِلَّا ضَالٌّ)
وَقَالَ غَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ اللُّقَطَةُ وَالضَّالَّةُ سَوَاءٌ فِي الْمَعْنَى وَالْحُكْمُ فِيهِمَا سَوَاءٌ
وممن ذهب إلى هذا ابو جعفر الحطاوي وَأَنْكَرَ قَوْلَ أَبِي عُبَيْدٍ الضَّالَّةُ مَا ضَلَّ بِنَفْسِهِ وَقَالَ هَذَا غَلَطٌ لِأَنَّهُ قَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ الْإِفْكِ قَوْلَهُ لِلْمُسْلِمِينَ (إِنَّ أَمَّكُمْ ضَلَّتْ قِلَادَتَهَا) فَأَطْلَقَ ذَلِكَ عَلَى الْقِلَادَةِ
وَقَالَ فِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (ضَالَّةُ الْمُؤْمِنِ حَرْقُ النَّارِ) إِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ لِأَنَّهُمْ أَرَادُوهَا لِلرُّكُوبِ وَالِانْتِفَاعِ لَا لِلْحِفْظِ عَلَى صَاحِبِهَا
وَذَلِكَ بَيِّنٌ فِي رِوَايَةِ مُطَرِّفِ بْنِ الشِّخِّيرِ عَنْ أَبِيهِ فَذَكَرَهُ وَذَكَرَ حَدِيثَ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (مَنْ آوَى ضَالَّةً فَهُوَ ضَالٌّ مَا لَمْ يُعَرِّفْهَا)
وَقَدْ ذَكَرْنَا إِسْنَادَ كُلِّ حَدِيثٍ مِنْهَا فِي (التَّمْهِيدِ)
قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم فِي ضَالَّةِ الْغَنَمِ (هِيَ لَكَ أَوْ لِأَخِيكَ او للذئب) وفي ضالة الابل مالك وَلَهَا مَعَهَا حِذَاؤُهَا وَسِقَاؤُهَا