للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْحَدِيثُ دَلِيلٌ وَاضِحٌ عَلَى أَنَّ الْعِلَّةَ فِي ذَلِكَ خَوْفُ التَّلَفِ وَالذَّهَابِ لَا جِنْسُ الْوَاهِبِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ مَا ضَلَّ بِنَفْسِهِ وَمَا لَمْ يَضِلَّ بِنَفْسِهِ وَلَا بَيْنَ الْحَيَوَانِ وَغَيْرِهِ لِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ حَفْظُهُ عَلَى صَاحِبِهِ وَخَوْفُ ذَهَابِهِ عَنْهُ وَإِنَّمَا خَصَّ الْإِبِلَ لانها اذا تركها واحدها وَلَمْ يَعْرِضْ لَهَا وَجَدَهَا صَاحِبُهَا سَالِمَةً عِنْدَ طَلَبِهِ لَهَا وَبَحْثِهِ عَنْهَا لِأَنَّ الذِّئْبَ لَا يُخَافُ عَلَيْهَا فِي الْأَغْلَبِ مِنْ أَمْرِهَا وَصَبْرُهَا عَنِ الْمَاءِ فَوْقَ صَبْرِ غَيْرِهَا مِنَ الْحَيَوَانِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا أَرَادَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي التَّافِهِ الْيَسِيرِ الْمُلْتَقَطِ هَلْ يُعَرَّفُ حَوْلًا كَامِلًا أَمْ لَا

فَقَالَ مَالِكٌ إِنْ كَانَ تَافِهًا يَسِيرًا تَصَدَّقَ بِهِ قَبْلَ الْحَوْلِ

وَقَالَ فِي مِثْلِ الْمِخْلَاةِ وَالْحَبْلِ وَالدَّلْوِ وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ إِنْ كَانَ فِي طَرِيقٍ وَضَعَهُ فِي أَقْرَبِ الْأَمَاكِنِ إِلَيْهِ لِيُعْرَفَ وَإِنْ كَانَ فِي مَدِينَةٍ انْتَفَعَ بِهِ وَعَرَّفَهُ وَلَوْ تَصَدَّقَ بِهِ كَانَ أَحَبَّ إِلَيَّ فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهُ كَانَ عَلَيَّ حَقُّهُ

وَقَدْ رَوَى مَالِكٌ وبن الْقَاسِمِ أَنَّ اللُّقَطَةَ تُعَرَّفُ سَنَةً وَلَمْ يُفَرِّقْ بين قليلها وكثيرها

وروى عيسى عن بن وَهْبٍ أَنَّهُ قَالَ مَا قَلَّ عَنْ ذَلِكَ عَرَّفَهُ أَيَّامًا فَإِنْ لَمْ يَجِدْ صَاحِبَهُ تَصَدَّقَ به وان كَانَ غَنِيًّا وَإِنْ كَانَ مُحْتَاجًا أَكَلَهُ

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يُعَرَّفُ الْقَلِيلُ وَالْكَثِيرُ مِنْ مَالِهِ بَقَاءً حَوْلًا كَامِلًا وَلَا تَنْطَلِقُ يَدُهُ عَلَى شَيْءٍ مِنْهُ قَبْلَ الْحَوْلِ بِصَدَقَةٍ وَلَا غَيْرِهَا

فَإِذَا عَرَّفَهَا حَوْلًا أَكَلَهُ أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ فَإِذَا جَاءَهُ صَاحِبُهُ كَانَ غَرِيمًا فِي الْمَوْتِ وَالْحَيَاةِ

قَالَ وَإِنْ كَانَ طَعَامًا لَا يَبْقَى فَلَهُ أَنْ يَأْكُلَهُ وَيَغْرَمَهُ لِرَبِّهِ

وَقَالَ الْمُزَنِيُّ وَمِمَّا وجد بخطه احب الي ان يبعه وَيُقِيمَ عَلَى تَعْرِيفِهِ حَوْلًا ثُمَّ يَأْكُلَهُ

قَالَ الْمُزَنِيُّ هَذَا أَوْلَى بِهِ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَقُلْ لِلْمُلْتَقِطِ فَشَأْنَكَ بِهَا إِلَّا بَعْدَ السَّنَةِ وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ مَا كَانَ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ فَصَاعِدًا عَرَّفَهُ حَوْلًا كَامِلًا وَمَا كَانَ دُونَ ذَلِكَ عَرَّفَهُ عَلَى قَدْرِ مَا يَرَى

وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ كَقَوْلِهِمْ سَوَاءٌ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ مَا كَانَ دُونَ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ عَرَّفَهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>