للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ أَوْسُ بْنُ حُجْرٍ

(فَأَشْرَطَ فِيهَا نَفْسَهُ وَهُوَ مُعْصِمٌ ... وَأَلْقَى بِأَسْبَابٍ لَهُ وَتَوَكَّلَا)

أَيْ أَظْهَرَ نَفْسَهُ فِيمَا حَاوَلَ أَنْ يَفْعَلَ

وَقِيلَ اشْتَرِطِي لَهُمُ الْوَلَاءَ أَيِ اشْتَرِطِي عَلَيْهِمْ كَقَوْلِهِ تَعَالَى (إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا) الاسراء ٧ أي فعليها

وكقوله (اولائك لَهُمُ اللَّعْنَةُ) الرَّعْدِ ٢٥ أَيْ عَلَيْهِمْ

وَقَوْلُهُ تَعَالَى (فَمَنْ يُجَادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا) النِّسَاءِ ١٠٩ قَوْلُهُ عَلَيْهِمْ بِمَعْنَى لَهُمْ

وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ الْوَعِيدُ وَالتَّهَاوُنُ لِمَنْ خَالَفَ مَا أُمِرَ بِهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى (وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَولَادِ) الْآيَةَ الْإِسْرَاءِ ٦٤

ثُمَّ قَالَ تَعَالَى (إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ) الْإِسْرَاءِ ٦٥ بَيَانًا بِفِعْلٍ مِنْ فِعْلِ مَا نَهَى عَنْهُ وَتَحْذِيرًا مِنْ مُوَافَقَةِ ذَلِكَ

وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ هَذَا الْقَوْلُ مِنْهُ إِلَّا بَعْدَ إِعْلَامِهِمْ أَنَّ الْوَلَاءَ كَالنِّسَبِ لَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ فِي صِفَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَنْهَى عَنِ شَيْءٍ ثُمَّ يَأْتِيَهُ وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ اشْتَرِطِي لَهُمُ الْوَلَاءَ فَإِنَّ اشْتِرَاطَهُمْ إِيَّاهُ بَعْدَ عِلْمِهِمْ بِأَنَّ اشْتِرَاطَهُمْ لَا يَجُوزُ غَيْرُ نَافِعٍ لَهُمْ وَلَا جَائِزٌ فِي الْحُكْمِ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِاشْتِرَاطِ الْوَلَاءِ لَهُمْ لِيَقَعَ الْبَيْعُ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُمْ فَبَطَلَ الشَّرْطُ وَيَصِحُّ الْبَيْعُ وَهُمْ غَيْرُ عَالِمِينَ بِأَنَّ اشْتِرَاطَهُمْ ذَلِكَ لِأَنْفُسِهِمْ غَيْرُ جَائِزٍ لَهُمْ لِأَنَّ هَذَا مَكْرٌ وَخَدِيعَةٌ

وَالرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبْعَدُ النَّاسِ مِنْ هَذَا وَمِنْ أَنْ يَفْعَلَ مَا نَهَى عَنْ فِعْلِهِ وَأَنْ يَرْضَى لِغَيْرِهِ مَا لَا يَرْضَى لِنَفْسِهِ وَمَنْ ظَنَّ ذَلِكَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَافِرٌ بِطَعْنِهِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنَّمَا كَانَ هَذَا الْقَوْلُ مِنْهُ تَهْدِيدًا وَوَعِيدًا لِمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِهِ وَحُكْمِهِ مِنْ تَحْرِيمِ بَيْعِ الْوَلَاءِ وَهِبَتِهِ وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ أَمْرَهُ وَأَقْدَمَ عَلَى فِعْلِ مَا قَدْ نَهَى عَنْ فعله

<<  <  ج: ص:  >  >>