وليس في حديث مالك في هذا الْبَابِ تَخْيِيرُ بَرِيرَةَ حِينَ عَتَقَتْ تَحْتَ زَوْجِهَا وَهُوَ عِنْدَهُ مِنْ حَدِيثِ رَبِيعَةَ مَذْكُورٌ فِي بَابِ الْخِيَارِ مِنْ كِتَابِ الطَّلَاقِ وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِيهِ هُنَاكَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا
وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الشَّرْطَ الْفَاسِدَ فِي الْبَيْعِ لَا يُفْسِدُ الْبَيْعَ وَلَكِنَّهُ يَسْقُطُ وَيَبْطُلُ الشَّرْطُ وَيَصِحُّ الْبَيْعُ
وَهَذَا عِنْدَ مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي شَيْءٍ دُونَ شَيْءٍ يَطُولُ شَرْحُ مَذْهَبِهِ فِي ذَلِكَ وَيَأْتِي كُلٌّ فِي مَوْضِعِهِ مِنَ الْبُيُوعِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى
وَمَنْ قَالَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مَنْ يَرَى أَنَّ الشَّرْطَ الْفَاسِدَ يُفْسِدُ الْبَيْعَ وَمِنْهُمْ مَنْ يَرَى أَنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ بَيْعٌ وَلَا شَرْطٌ أَصْلًا وَمِنْهُمْ مَنْ يَرَى أَنَّ الشَّرْطَ لَا يَضُرُّ الْبَيْعَ كَائِنًا مَا كَانَ
وَهَذِهِ أُصُولٌ يُحْتَمَلُ أَنْ يُفْرَدَ لَهَا كِتَابٌ
وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي (التَّمْهِيدِ) خَبَرَ عَبْدِ الْوَارِثِ بْنِ سَعِيدٍ الثَّوْرِيِّ قَالَ قَدِمْتُ مَكَّةَ فَوَجَدْتُ أَبَا حَنِيفَةَ وبن ابي ليلى وبن شُبْرُمَةَ فَسَأَلْتُ أَبَا حَنِيفَةَ فَقُلْتُ مَا تَقُولُ فِي رَجُلٍ بَاعَ بَيْعًا وَشَرَطَ شَرْطًا فَقَالَ البيع باطل والشرط باطل ثم اتيت بن أَبِي لَيْلَى فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ الْبَيْعُ جَائِزٌ وَالشَّرْطُ باطل ثم اتيت بن شُبْرُمَةَ فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ الْبَيْعُ جَائِزٌ وَالشَّرْطُ جَائِزٌ فَقُلْتُ يَا سُبْحَانَ اللَّهِ! ثَلَاثَةٌ مِنْ فُقَهَاءِ الْعِرَاقِ اخْتَلَفُوا فِي مَسْأَلَةٍ وَاحِدَةٍ فَأَتَيْتُ أَبَا حَنِيفَةَ فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ لَا أَدْرِي مَا قَالَا حَدَّثَنِي عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعٍ وَشَرْطُ الْبَيْعِ بَاطِلٌ ثُمَّ اتيت بن أَبِي لَيْلَى فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ لَا أَدْرِي مَا قَالَا حَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ (أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أَشْتَرِيَ بَرِيرَةَ فَأَعْتِقَهَا وَإِنِ اشْتَرَطَ أَهْلُهَا الْوَلَاءَ فَإِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ) الْبَيْعُ جَائِزٌ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ ثُمَّ أَتَيْتُ بن شُبْرُمَةَ فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ لَا أَدْرِي مَا قَالَا لَكِ حَدَّثَنِي مِسْعَرُ بْنُ كِدَامٍ عَنْ مُحَارِبِ بْنِ دِثَارٍ عَنْ جَابِرٍ قَالَ بِعْتُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَاقَةً وَشَرَطَ لِي حِمْلَانَهَا أَوْ ظَهْرَهَا إِلَى الْمَدِينَةِ) الْبَيْعُ جَائِزٌ وَالشَّرْطُ جَائِزٌ
وَرَوَى إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو ثَابِتٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي مَالِكٌ بِأَنَّهُ سَأَلَ بن شِهَابٍ عَنْ رَجُلٍ خَطَبَ عَبْدُهُ وَلِيدَةَ قَوْمٍ وَاشْتَرَطَ عَلَى عَبْدِهِ أَنَّ مَا وَلَدَتِ الْأَمَةُ مِنْ وَلَدٍ فَلَهُ شِطْرُهُ وَقَدْ أَعْطَاهَا الْعَبْدُ مهرها فقال بن شِهَابٍ هَذَا مِنَ الشَّرْطِ الَّذِي لَا نَرَى له جوازا
قال وقال بن شِهَابٍ أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute