للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَتَبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إِلَى عُمَيْرِ بْنِ سَعْدٍ أَمَّا بَعْدُ فَانْهَ مَنْ قِبَلَكَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يُكَاتِبُوا أَرِقَّاءَهُمْ عَلَى مَسْأَلَةِ النَّاسِ

وَسُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيِّ عَنْ نَافِعٍ عن بن عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ أَنْ يُكَاتِبَ غُلَامَهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ حِرْفَةٌ وَيَقُولُ تَأْمُرُونِي أَنْ آكُلَ أَوْسَاخَ النَّاسِ

وَرَوَى وَكِيعٌ عَنْ سفيان عن ابي جعفر الفراء عن بن أَبِي لَيْلَى الْكِنْدِيِّ أَنَّ سَلْمَانَ أَرَادَ أَنْ يُكَاتِبَ عَبْدَهُ فَقَالَ مِنْ أَيْنَ قَالَ أَسْأَلُ النَّاسَ قَالَ أَتُرِيدُ أَنْ تُطْعِمَنِي أَوْسَاخَ النَّاسِ وَأَبَى أَنْ يُكَاتِبَهُ

قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا تَنَزُّهٌ وَاخْتِيَارٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ كُوتِبَتْ بَرِيرَةُ وَلَا حِرْفَةَ لَهَا وَبَدَأَتْ بِسُؤَالِ النَّاسِ مِنْ حِينِ كُوتِبَتْ وَتَذَبْذَبَ النَّاسُ إِلَى عَوْنِ الْمُكَاتَبِ! لِمَا فِيهِ مِنْ عِتْقِ الرِّقَابِ

وَرَوَى الثَّوْرِيُّ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْفَرَّاءِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي سَرْوَانَ عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ مُؤَذِّنِ عَلِيٍّ قَالَ قُلْتُ لَعَلِيٍّ أُكَاتِبُ وَلَيْسَ لِي مَالٌ قَالَ نَعَمْ ثُمَّ حَصَّنَ النَّاسَ عَلَيَّ فَأُعْطِيتُ مَا فَضَلَ عَنْ كِتَابَتِي فَأَتَيْتُ عَلِيًّا فَقَالَ اجْعَلْهَا فِي الرِّقَابِ

وَأَمَّا اخْتِلَافُ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى (فَكَاتِبُوهُمْ) النُّورِ ٣٣ فَهَلْ هِيَ عَلَى الْوُجُوبِ أَوْ عَلَى النَّدْبِ وَالْإِرْشَادِ فَإِنَّ مَسْرُوقَ بْنَ الْأَجْدَعِ وَعَطَاءَ بْنَ أَبِي رَبَاحٍ وَعَمْرَو بْنَ دِينَارٍ وَالضَّحَّاكَ بْنَ مُزَاحِمٍ وَجَمَاعَةَ أَهْلِ الظَّاهِرِ كَانُوا يَقُولُونَ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مَنْ سَأَلَهُ مَمْلُوكُهُ وَعَلِمَ عِنْدَهُ خَيْرًا أَنْ يَعْقِدَ لَهُ كِتَابَتَهُ مِمَّا يَتَرَاضَيَانِ بِهِ

وَاحْتَجُّوا بِأَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَجْبَرَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ عَلَى كِتَابَةٍ لِعَبْدِهِ سِيرِينَ أَبِي مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ بِالدُّرَّةِ

وَرَوَى قَتَادَةُ وَمُوسَى بْنُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ سِيرِينَ وَالِدَ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ سَأَلَهُ الْكِتَابَةَ وَكَانَ كَثِيرَ الْمَالِ فَأَبَى فَانْطَلَقَ إِلَى عُمَرَ فَقَالَ عُمَرُ لِأَنَسٍ كَاتِبْهُ فَأَبَى فَضَرَبَهُ بِالدُّرَّةِ وَتَلَا (فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا) النُّورِ ٣٣ فَكَاتَبَهُ أَنَسٌ

وقد قِيلَ إِنَّ عُمَرَ رَفَعَ الدُّرَّةَ عَلَى أَنَسٍ لِأَنَّهُ أَبَى أَنْ يَأْتِيَهُ شَيْئًا مِنْ كِتَابَتِهِ لا على عقد الكتابة اولا

وقال بن جُرَيْجٍ قُلْتُ لِعَطَاءٍ وَاجِبٌ عَلَيَّ إِذَا عَلِمْتُ لَهُ مَالًا أَنْ أُكَاتِبَهُ فَقَالَ مَا أُرَاهُ إِلَّا وَاجِبًا وَقَالَهَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ

وَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُمْ وَالثَّوْرِيُّ وَهُوَ قول الحسن

<<  <  ج: ص:  >  >>