أَحَدُهُمَا أَنَّ الرَّجْمَ فِي كِتَابِ اللَّهِ عَلَى مَذْهَبِ مَنْ قَالَ إِنَّ مِنَ الْقُرْآنِ مَا نُسِخَ خَطُّهُ وَثَبَتَ حُكْمُهُ وَقَدْ أَجْمَعُوا أَنَّ مِنَ الْقُرْآنِ مَا نُسِخَ حُكْمُهُ وَثَبَتَ خَطُّهُ وَهَذَا فِي الْقِيَاسِ مِثْلُهُ
وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذَا الْمَعْنَى فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ عِنْدَ قَوْلِهِ (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى) الْبَقَرَةِ ٢٣٨ وَصَلَاةِ الْعَصْرِ (وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ) الْبَقَرَةِ ٢٣٨
وَمَنْ ذَهَبَ هَذَا المذهب احتج بقول عمر الرَّجْمُ فِي كِتَابِ اللَّهِ حَقٌّ عَلَى مَنْ زَنَى مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ إِذَا أَحْصَنَ
وَقَوْلُهُ لَوْلَا أَنْ يُقَالَ إِنَّ عُمَرَ زَادَ فِي كِتَابِ اللَّهِ لَكَتَبْتُهَا الشَّيْخُ وَالشَّيْخَةُ إِذَا زَنَيَا فَارْجُمُوهُمَا أَلْبَتَّةَ فَإِنَّا قَدْ قَرَأْنَاهَا
وَسَنَذْكُرُ مَا لِلْعُلَمَاءِ فِي قَوْلِ عُمَرَ هَذَا مِنَ التَّأْوِيلِ في موضعه مِنْ هَذَا الْبَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ
وَمِنْ حُجَّتِهِ أَيْضًا ظَاهِرُ هَذَا الْحَدِيثُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لا قضين بِكِتَابِ اللَّهِ) ثُمَّ قَالَ لِأُنَيْسٍ (لَئِنِ اعْتَرَفَتِ امْرَأَةُ هَذَا فَارْجُمْهَا) فَرَجَمَهَا
وَالْقَوْلُ الْآخَرُ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ (لَأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللَّهِ وَلَأَحْكُمَنَّ بَيْنَكُمَا بِحُكْمِ اللَّهِ وَلَأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِقَضَاءِ اللَّهِ) وَهَذَا جَائِزٌ فِي اللُّغَةِ
قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ (كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ) النِّسَاءِ ٢٤ أَيْ حُكْمُهُ فِيكُمْ وَقَضَاؤُهُ عَلَيْكُمْ
عَلَى أَنَّ كُلَّ مَا قَضَى بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهُوَ حُكْمُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَقَدْ أَوْضَحْنَا هَذَا الْمَعْنَى فِي (التَّمْهِيدِ)
وَمِنْهُ قَوْلُ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي شُرَاحَةَ الْهَمَذَانِيَّةِ جَلَدْتُهَا بِكِتَابِ اللَّهِ وَرَجَمْتُهَا بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَقَدْ تُطْلَقُ عَلَى السُّنَّةِ التِّلَاوَةُ بِظَاهِرِ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ ءايات اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ) الْأَحْزَابِ ٣٤ قَالُوا الْقُرْآنُ وَالسُّنَّةُ
وَفِيهِ أَنَّ الزَّانِيَ إِذَا لَمْ يُحْصَنْ حَدُّهُ الْجَلْدُ دُونَ الرَّجْمِ وَهَذَا مَا لَا خِلَافَ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ) النُّورِ ٢
وَأَجْمَعُوا أَنَّ الْأَبْكَارَ دَاخِلُونَ فِي هَذَا الْخِطَابِ