قَالَ أَبُو عُمَرَ مَعْنَاهُ أَوْ بِغَيْرِ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَتْلًا فَهُوَ كَالْقَتْلِ وَالْفَسَادُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ هُنَا قَطْعُ الطَّرِيقِ وَسَلْبُ الْمُسْلِمِينَ وَإِخَافَةُ سُبُلِهِمْ
وَالْقَوْلُ الثَّانِي أَنَّ الْحُكْمَ فِي الْمُحَارِبِ أَنَّهُ إِنْ قَتَلَ قُتِلَ وَإِنْ اخذ المال وقتل وَصُلِبَ وَإِنْ أَخَذَ الْمَالَ وَلَمْ يَقْتُلْ قُطِعَتْ يَدُهُ وَرِجْلُهُ مِنْ خِلَافٍ وَإِنْ أَخَافَ السَّبِيلَ فَقَطْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ غَيْرُ النَّفْيِ
وَرُوِيَ هذا ايضا عن بن عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٍ وَعَطَاءٍ وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ
وَهُوَ قَوْلُ أَبِي مُجَالِدٍ وَالضَّحَّاكِ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَقَتَادَةَ
وَهُوَ قَوْلُ أَهْلِ الْعِلْمِ
وَ (أَوْ) عِنْدَ هَؤُلَاءِ لِلتَّفْضِيلِ
وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَأَصْحَابُهُمَا وَالثَّوْرِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ تُقَامُ عَلَيْهِمُ الْحُدُودُ عَلَى قَدْرِ اخْتِلَافِ أَفْعَالِهِمْ مَنْ قَتَلَ مِنْهُمْ وَأَخَذَ الْمَالَ قُتِلَ وَصُلِبَ وَإِذَا قَتَلَ وَلَمْ يَأْخُذْ مالا قتل ودفع إلى اوليائه يدفنوه وَمَنْ أَخَذَ مَالًا وَلَمْ يَقْتُلْ قُطِعَتْ يَدُهُ ورجله من خلاف في مكان واحد وحسمع عَلَى عُضْوِهِ بِالنَّارِ قَبْلَ أَنْ يُقْطَعَ الْآخَرُ وَمَنْ حَضَرَ وَكَثَرَ وَهَيَّبَ وَكَانَ رِدْءًا عُزِّرَ وَحُبِسَ
قَالَ أَبُو عُمَرَ نَحْوُ هَذَا قَوْلُ الْكُوفِيِّينَ وَسَائِرِ مَنْ ذَكَرْنَا مِنَ الْفُقَهَاءِ وَالنَّفْيُ عِنْدَهُمْ أَنْ يُحْبَسُوا حَتَّى يُحْدِثُوا تَوْبَةً
وَقَالَ مَالِكٌ النَّفْيُ أَنْ يَخْرُجَ إِلَى بَلَدٍ آخَرَ وَيُحْبَسَ هُنَاكَ فِي السِّجْنِ
وَقَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ يُنْفَى مِنْ بَلَدِهِ إِلَى بَلَدِ غَيْرِهِ وَلَمْ يَذْكُرْ حَبْسًا
وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بن الماجشون قول ابي وبن دِينَارٍ وَالْمُغِيرَةِ أَنَّ نَفْيَ الْمُحَارِبِ إِنَّمَا هُوَ أَنْ يَطْلُبَهُ الْإِمَامُ لِإِقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهِ فَيَهْرَبَ وليس كنفي الزاني البكر
وهو قول بن شِهَابٍ
قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي صَلْبِ الْمُحَارِبِ أَقْوَالٌ لِأَهْلِ الْعِلْمِ وَكَذَلِكَ فِي نَفْيِهِ أَيْضًا لِأَهْلِ الْعِلْمِ أَقْوَالٌ وَاعْتِلَالَاتٌ وَتَوْجِيهَاتٌ وَاخْتَصَرْنَا ذَلِكَ كُلَّهُ خَوْفَ الْإِطَالَةِ وَشَرْطُنَا الِاخْتِصَارُ وَالْإِشَارَةُ إِلَى مَا أَشَارَ إِلَيْهِ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ