للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ مَالِكٌ فِي الَّذِي يَسْتَعِيرُ الْعَارِيَةَ فَيَجْحَدُهَا إِنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ قَطْعٌ وَإِنَّمَا مَثَلُ ذَلِكَ مَثَلُ رَجُلٍ كَانَ لَهُ عَلَى رَجُلٍ دَيْنٌ فَجَحَدَهُ ذَلِكَ فَلَيْسَ عَلَيْهِ فِيمَا جَحَدَهُ قَطْعٌ

قَالَ أَبُو عُمَرَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ عَلَى مَا قَالَهُ مَالِكٌ فِي الْمُسْتَعِيرِ الْجَاحِدِ أَنَّهُ لَا قَطْعَ عَلَيْهِ

وَهُوَ قَوْلُ أَهْلِ الْحِجَازِ وَالْعِرَاقِ وَأَهْلِ الشَّامِ وَمِصْرَ

وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ يُقْطَعُ

قَالَ أَحْمَدُ لَا أَعْلَمُ شَيْئًا يَدْفَعُ حَدِيثَ عَائِشَةَ فِي ذَلِكَ

قَالَ أَبُو عمر احتج من قال بهذا الحديث رَوَاهُ مَعْمَرٌ ذَكَرَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَغَيْرُهُ عَنْ مَعْمَرٍ أَنَّهُ أَخْبَرَهُمْ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَتِ امْرَأَةٌ مَخْزُومِيَّةٌ تَسْتَعِيرُ الْمَتَاعَ وَتَجْحَدُهُ فَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَطْعِ يَدِهَا فَأَتَى أَهْلُهَا أُسَامَةَ فَكَلَّمُوهُ فَكَلَّمَ أُسَامَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (يَا أُسَامَةُ أَلَا أَرَاكَ تَتَكَلَّمُ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ) ثُمَّ قَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطِيبًا فَقَالَ إِنَّمَا أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ وَإِنْ سَرَقَ فِيهِمُ الضَّعِيفُ قَطَعُوهُ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ كَانَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ لَقَطَعْتُ يَدَهَا)

فَقَطَعَ يَدَ الْمَخْزُومِيَّةِ

قَالَ أَبُو عُمَرَ احْتَجَّ مَنْ قَالَ بِهَذَا الْحَدِيثِ بِمَا فِيهِ مِنْ قَوْلِهِ كَانَتْ تَسْتَعِيرُ الْمَتَاعَ وَتَجْحَدُهُ فَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَطْعِ يَدِهَا

قَالُوا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَمْ يَقْطَعْ يَدَهَا إِلَّا لَأَنَّهَا كَانَتْ تَسْتَعِيرُ الْمَتَاعَ وَتَجْحَدُهُ

قَالُوا قَدْ تَابَعَهُ مَعْمَرٌ عَلَى ما ذكرناه من ذلك بن أَخِي الزُّهْرِيِّ وَغَيْرُهُ وَحَسْبُكَ بِمَعْمَرٍ فِي الزُّهْرِيِّ

قَالُوا وَقَدْ رَوَاهُ عَنْ نَافِعٍ عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ أَبِي عُبَيْدٍ أَنَّ امْرَأَةً كَانَتْ تَسْتَعِيرُ الْمَتَاعَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَجْحَدُهُ وَلَا تَرُدُّهُ فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَطْعِهَا

وَرَوَاهُ مَعْمَرٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ بن عُمَرَ قَالَ كَانَتِ امْرَأَةٌ مَخْزُومِيَّةٌ تَسْتَعِيرُ مَتَاعًا عَلَى جَارَتِهَا وَتَجْحَدُهُ فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَطْعِ يَدِهَا

قَالَ أَبُو عُمَرَ مَنْ تَدَبَّرَ هَذَا الْحَدِيثَ عَلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَقْطَعْ يَدَهَا إِلَّا لِأَنَّهَا سَرَقَتْ

<<  <  ج: ص:  >  >>