لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ لِأُسَامَةَ (أَلَا أَرَاكَ تَتَكَلَّمُ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ)
وَلَيْسَ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي كِتَابِهِ وَلَا فِي الْمَعْرُوفِ مِنْ سُنَّةِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدٌّ مِنْ حُدُودِهِ فِيمَنِ اسْتَعَارَ الْمَتَاعَ وَجَحَدَهُ
وَدَلِيلٌ آخَرُ مِنَ الْحُدُودِ مِنْ حَدِيثٍ أَيْضًا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِنَّمَا أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ)
وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ إِنَّمَا قَطَعَهَا لِسَرِقَتِهَا لَا لِأَنَّهَا كَانَتْ تَسْتَعِيرُ الْمَتَاعَ وَتَجْحَدُهُ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ لَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا اسْتَعَارَ فِيهِمُ الشَّرِيفُ مِنَ الْمَتَاعِ وَجَحَدَهُ تَرَكُوهُ
هَذَا مَا ظَهَرَ إِلَيَّ مِنْ ظَاهِرِ لَفْظِ هَذَا الْحَدِيثِ الَّذِي احْتَجَّ بِهِ مَنْ رَأَى قَطْعَ الْمُسْتَعِيرِ الْجَاحِدِ
وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ بِإِسْنَادِهِ وَقَالَ فِيهِ إِنَّ الْمَخْزُومِيَّةَ سَرَقَتْ وَقَالَ فِي آخِرِهِ (وَاللَّهِ لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا)
وَهَذَا كُلُّهُ يُوَضِّحُ أَنَّ الْقَطْعَ إِنَّمَا كَانَ مِنْ أَجْلِ السَّرِقَةِ لَا مِنْ أَجْلِ جَحْدِ الْعَارِيَةِ مِنَ الْمَتَاعِ
وَيُحْتَمَلُ - وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ - أَنَّ تِلْكَ الْقُرَشِيَّةَ الْمَخْزُومِيَّةَ كَانَ مِنْ شَأْنِهَا اسْتِعَارَةُ الْمَتَاعِ وَجَحْدُهُ فَعُرِفَتْ بِذَلِكَ ثُمَّ أَنَّهَا سَرَقَتْ فَقِيلَ الْمَخْزُومِيَّةُ الَّتِي كَانَتْ تَسْتَعِيرُ الْمَتَاعَ وَتَجْحَدُهُ قَطَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهَا يَعْنُونَ فِي السَّرِقَةِ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ
حَدَّثَنِي عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنِي قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ يَحْيَى قِرَاءَةً عَلَيْهِ عَنْ أَبِيهِ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى عَنِ الليث بن سعد عن بن شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ قُرَيْشًا أَهَمَّهُمْ شَأْنُ الْمَخْزُومِيَّةِ الَّتِي سَرَقَتْ قَالُوا مَنْ يُكَلِّمُ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالُوا وَمَنْ يَجْتَرِئُ عَلَيْهِ إِلَّا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ حِبُّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَلَّمَهُ أُسَامَةُ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (أَتَشْفَعُ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ) ثُمَّ قَامَ خَطِيبًا فَقَالَ (إِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الضَّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ الْحَدَّ وَايْمُ اللَّهِ لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يدها
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute