صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّ شَرَابٍ أَسْكَرَ فَهُوَ حَرَامٌ وَمَا أَسْكَرَ قَلِيلُهُ فَكَثِيرُهُ حَرَامٌ وَكُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ وَكُلُّ خَمْرٍ حَرَامٌ
وَهَذِهِ الْأَلْفَاظُ كُلُّهَا ثَابِتَةٌ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَاتَّفَقَ عُلَمَاءُ الْمُسْلِمِينَ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي صِحَّةِ قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ إِلَّا أَنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي تَأْوِيلِهِ
فَقَالَ فُقَهَاءُ الْحِجَازِ وَجَمَاعَةُ أَهْلِ الْحَدِيثِ أَرَادَ جِنْسَ مَا يُسْكِرُ
وَقَالَ فُقَهَاءُ الْعِرَاقِ أَرَادَ مَا يَقَعُ بِهِ السُّكْرُ عِنْدَهُمْ قَالُوا كَمَا لَا يُسَمَّى قَاتِلًا إِلَّا مَعَ وُجُودِ الْقَتْلِ
وَهَذَا التَّأْوِيلُ تَرُدُّهُ الْآثَارُ الصِّحَاحُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَنْ الصَّحَابَةِ الَّذِينَ هم أهل اللسان
وروى الشعبي عن بن عُمَرَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ إِنَّ الْخَمْرَ حُرِّمَتْ وَهِيَ مِنْ خَمْسَةِ أَشْيَاءَ مِنَ الْعِنَبِ وَالتَّمْرِ وَالْعَسَلِ وَالْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَالْخَمْرُ مَا خَامَرَ العقل
وروى عكرمة عن بن عَبَّاسٍ قَالَ نَزَلَ تَحْرِيمُ الْخَمْرِ وَهِيَ الْفَضِيخُ
وَرَوَى ثَابِتٌ عَنْ أَنَسٍ قَالَ حُرِّمَتْ عَلَيْنَا الْخَمْرُ - يَوْمَ حُرِّمَتْ - وَمَا نَجِدُ خَمْرَ الْأَعْنَابِ إِلَّا قَلِيلًا وَعَامَّةُ خُمُورِنَا الْبُسْرُ وَالتَّمْرُ
وَرَوَى الْمُخْتَارُ بْنُ فُلْفُلٍ قَالَ سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ عَنِ الْأَشْرِبَةِ فَقَالَ حُرِّمَتِ الْخَمْرُ وَهِيَ مِنَ الْعِنَبِ وَالتَّمْرِ وَالْعَسَلِ وَالْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَالذُّرَةِ وَمَا خَمَّرْتَهُ فَهُوَ خَمْرٌ
فَهَؤُلَاءِ الصَّحَابَةُ لَا خِلَافَ بَيْنِهِمْ أَنَّ الْخَمْرَ تَكُونُ مِنْ غَيْرِ الْعِنَبِ كَمَا تَكُونُ مِنَ الْعِنَبِ
وَقَدْ أَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ وَنَقَلَتِ الْكَافَّةُ عَنْ نَبِيِّهَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَحْرِيمَ خَمْرِ الْعِنَبِ قَلِيلِهَا وَكَثِيرِهَا فَكَذَلِكَ كُلُّ مَا فَعَلَ فِعْلَهَا مِنَ الْأَشْرِبَةِ كلها