قَالَ الشَّاعِرُ
(لَنَا خَمْرٌ وَلَيْسَتْ خَمْرَ كَرْمٍ ... وَلَكِنْ مِنْ نِتَاجِ الْبَاسِقَاتِ)
وَأَبْيَنُ شَيْءٍ فِي هَذَا الْمَعْنَى مَعَ أَنَّهُ كُلُّهُ بَيِّنٌ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ قَوْلُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ذُكِرَ أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ وَأَصْحَابَهُ شَرِبُوا بِالشَّامِ شَرَابًا وَأَنَا سَائِلٌ عَنْهُ فَإِنْ كَانَ مُسْكِرًا جَلَدْتُهُمْ وَلَا حد في ما يُشْرَبُ إِلَّا فِي الْخَمْرِ فَصَحَّ أَنَّ الْمُسْكِرَ خَمْرٌ
قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ ذَكَرْنَا فِي بَابٍ الْحَدِّ فِي الْخَمْرِ أَنَّ الْمُسْلِمِينَ مُجْمِعُونَ على تحريم خمر العنب ووجوب الحد على شَارِبِ قَلِيلِهَا وَإِنْ كَانُوا قَدِ اخْتَلَفُوا فِي مَبْلَغِ حَدِّهِ وَذَكَرْنَا مَا حَدُّوهُ فِي عَصِيرِ الْعِنَبِ مَتَى يَكُونُ خَمْرًا وَأَجْمَعُوا أَنَّهُ إِذَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ فَهُوَ خَمْرٌ
وَمِنْهُمْ مَنْ حَدَّهُ بِالْغَلَيَانِ
وَمِنْهُمْ مَنْ حَدَّهُ بِالْأَزْبَادِ
وَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَ الْحَدَّ فِيهِ يَوْمًا وَلَيْلَةً
وَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَهُ يَوْمَيْنِ
وَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ
وَإِذَا حَمَلْتَ ذَلِكَ فَهُوَ مَعْنًى مُتَقَارِبٌ كُلُّهُ لِجَمْعِهِ أَنْ يَكُونَ كَثِيرُهَا يُسْكِرُ جِنْسًا فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَهِيَ الْخَمْرُ الَّتِي لَا اخْتِلَافَ فِي تَحْرِيمِهَا وَفِي تَكْفِيرِ مُسْتَحِلِّهَا
وَاخْتَلَفُوا فِي النَّبِيذِ الصُّلْبِ الشَّدِيدِ
فَقَالَ مَالِكٌ الْأَمْرُ عِنْدَنَا وَفِي بَعْضِ الْمُوطَّآتِ السُّنَّةُ عِنْدَنَا أَنَّ مَنْ شَرِبَ شَرَابًا يُسْكِرُ فَسَكِرَ أَوْ لَمْ يَسْكَرْ فَقَدْ شَرِبَ الْخَمْرَ وَقَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْحَدُّ
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ كُلُّ مُسْكِرٍ وَكُلُّ مُخَدِّرٍ حَرَامٌ وَالْحَدُّ وَاجِبٌ عَلَى مَنْ شَرِبَ شَيْئًا مِنْهُ
قال الشَّافِعِيُّ مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ وَفِيهِ الْحَدُّ
فَهَذَا مَذْهَبُ أَهْلِ الْحَرَمَيْنِ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ
وَمَذْهَبُ أَهْلِ الشَّامِ وَالْيَمَنِ وَمِصْرَ وَالْمَغْرِبِ وَجُمْهُورِ أَهْلِ الْحَدِيثِ
وَأَمَّا أَهْلُ الْعِرَاقِ فَرَوَى الْمُعَافَى عَنِ الثَّوْرِيِّ أَنَّهُ كَرِهَ نَقِيعَ التَّمْرِ وَنَقِيعَ الزبيب إذا غلا