قَالَ مَالِكٌ الْأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا وَالَّذِي سَمِعْتُ مِمَّنْ أَرْضَى فِي الْقَسَامَةِ وَالَّذِي اجْتَمَعَتْ عليه الأئمة في القديم والحديث أن يبدأ بِالْأَيْمَانِ الْمُدَّعُونَ فِي الْقَسَامَةِ فَيَحْلِفُونَ وَأَنَّ الْقَسَامَةَ لَا تَجِبُ إِلَّا بِأَحَدِ أَمْرَيْنِ إِمَّا أَنْ يقول المقتول دمي عند فلان أو يأتي وُلَاةُ الدَّمِ بِلَوْثٍ مِنْ بَيِّنَةٍ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ قَاطِعَةً عَلَى الَّذِي يُدْعَى عَلَيْهِ الدَّمُ فَهَذَا يُوجِبُ الْقَسَامَةَ لِلْمُدَّعِينَ الدَّمَ عَلَى مَنِ ادَّعَوْهُ عَلَيْهِ وَلَا تَجِبُ الْقَسَامَةُ عِنْدَنَا إِلَّا بِأَحَدِ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ
قَالَ مَالِكٌ وَتِلْكَ السُّنَّةُ الَّتِي لَا اخْتِلَافَ فِيهَا عِنْدَنَا وَالَّذِي لَمْ يَزَلْ عَلَيْهِ عَمَلُ النَّاسِ أَنَّ الْمُبَدَّئِينَ بِالْقَسَامَةِ أَهْلُ الدَّمِ وَالَّذِينَ يَدَّعُونَهُ فِي الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ
قَالَ مَالِكٌ وَقَدْ بَدَّأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَارِثِيِّينَ فِي قَتْلِ صَاحِبِهِمُ الَّذِي قُتِلَ بِخَيْبَرَ
قَالَ أَبُو عُمَرَ لَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُ مَالِكٍ وَلَا أَصْحَابِهِ أَنَّ قَوْلَ الْمَقْتُولِ قَبْلَ مَوْتِهِ دَمِي عِنْدَ فُلَانٍ أَنَّهُ لَوْثٌ يُوجِبُ الْقَسَامَةَ وَلَمْ يُتَابِعْ مَالِكًا عَلَى ذَلِكَ أَحَدٌ مِنْ أَئِمَّةِ أَهْلِ الْعِلْمِ إِلَّا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ فَإِنَّهُ تَابَعَهُ فَقَالَ الَّذِي تُوجِبُهُ الْقَسَامَةُ أَنْ يَقُولَ الْمَقْتُولُ فُلَانٌ قَتَلَنِي أَوْ يَأْتِي مِنَ الصِّبْيَانِ وَالنِّسَاءِ وَالنَّصَارَى وَمَنْ يُشْبِهُهُمْ مِمَّنْ لَا يُقْطَعُ بِشَهَادَتِهِ أَنَّهُ رَأَى هَذَا حِينَ قَتَلَ هَذَا فَإِنَّ الْقَسَامَةَ تَكُونُ مَعَ ذَلِكَ
وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُ مَالِكٍ فِيمَا رَوَوْهُ عَنْ مَالِكٍ فِي مَعْنَى اللَّوْثِ الْمُوجِبِ لِلْقَسَامَةِ فروى بن الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ الشَّاهِدَ الْوَاحِدَ الْعَدْلَ لَوْثٌ
وَرَوَى عَنْهُ أَشْهَبُ أَنَّ الْوَاحِدَ الْعَدْلَ لوث وإن لم يكن عدلا قال وقال لِي مَالِكٌ اللَّوْثُ الْأَمْرُ الَّذِي لَيْسَ بِقَوِيٍّ وَلَا قَاطِعٍ
وَاخْتَلَفُوا فِي الْمَرْأَةِ الْوَاحِدَةِ هَلْ تَكُونُ شَهَادَتُهَا لَوْثًا تُوجِبُ الْقَسَامَةَ وَكَذَلِكَ اخْتَلَفُوا فِي النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ
وَقَدْ ذَكَرْنَا اخْتِلَافَهُمْ فِي ذَلِكَ فِي كِتَابِ اخْتِلَافِ أَقْوَالِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إِذَا مِثْلُ الطَّيِّبِ مِثْلُ السَّلْبِ الَّذِي قَضَى فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْقَسَامَةِ حَكَمْتُ بِهَا وَجَعَلْتُ الدِّيَةَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ فَإِنْ قِيلَ وَمَا كَانَ السَّبَبُ الَّذِي حَكَمَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قيل كانت خيبر دار يَهُودَ مَحْضَةً وَلَا يُخَالِطُهُمْ غَيْرُهُمْ وَكَانَتِ الْعَدَاوَةُ بَيْنَ الْأَنْصَارِ وَبَيْنَهُمْ ظَاهِرَةً وَخَرَجَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَهْلٍ بَعْدَ الْعَصْرِ فَوُجِدَ قَتِيلًا قَبْلَ اللَّيْلِ فَيَكَادُ أَنْ يَغْلِبَ عَلَى مَنْ سَمِعَ هَذَا أَنَّهُ لَمْ يَقْتُلْهُ إِلَّا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute