للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ هُوَ عَلَى مَعْنَى الذَّمِّ وَأَضَافُوا ذَلِكَ أَيْضًا إِلَى مَالِكٍ وَاسْتَدَلُّوا بِإِدْخَالِهِ لِهَذَا الْحَدِيثِ تَحْتَ تَرْجَمَةِ الْبَابِ بِمَا يُكْرَهُ مِنَ الْكَلَامِ

وَاحْتَجُّوا عَلَى مَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ بِتَشْبِيهِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِذَلِكَ الْبَيَانِ بِالسِّحْرِ وَالسِّحْرُ مَذْمُومٌ قَلِيلُهُ وَكَثِيرُهُ وَذَلِكَ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - لِمَا فِيهِ مِنَ الْبَلَاغَةِ وَالتَّفَيْهُقِ مِنْ تَصْوِيرِ الْبَاطِلِ فِي صُورَةِ الْحَقِّ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الثَّرْثَارِينَ

الْمُتَفَيْهِقِينَ أَنَّهُمْ أَبْغَضُ الْخَلْقِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى

وَقَالَ آخَرُونَ وَهُمُ الْأَكْثَرُ عَدَدًا إِنَّهُ كَلَامٌ أُرِيدَ بِهِ الْمَدْحُ

قَالُوا وَالْبَيَانُ مَمْدُوحٌ بِدَلِيلِ قَوْلِ الله عز وجل (خلق الإنسن عَلَّمَهُ الْبَيَانَ) الرَّحْمَنِ ٣ ٤ وَبِدَلِيلِ مَا فِي الْحَدِيثِ قَوْلُهُ فَعَجِبَ النَّاسُ لِبَيَانِهِمَا وَالْإِعْجَابُ لَا يَقَعُ إِلَّا بِمَا يَحْسُنُ وَيَطِيبُ سَمَاعُهُ لَا بِمَا يقبح ويذم قالوا وشبيهه بِالسِّحْرِ مَدْحٌ لَهُ لِأَنَّ مَعْنَى السِّحْرِ الِاسْتِمَالَةُ وَكُلُّ مَا اسْتَمَالَكَ فَقَدْ سَحَرَكَ فَكَأَنَّهُ غَلَبَ عَلَى الْقُلُوبِ بِحُسْنِ كَلَامِهِ فَأُعْجِبَ النَّاسُ بِهِ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمِيرَهُمْ بِفَضْلِ الْبَلَاغَةِ لِبَلَاغَتِهِ وَفَصَاحَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ قَدْ أُوتِيَ جَوَامِعَ الْكَلِمِ فَأَعْجَبَهُ ذَلِكَ الْقَوْلُ فَشَبَّهَهُ بِالسِّحْرِ لِغَلَبَةِ السِّحْرِ عَلَى الْقُلُوبِ وَاسْتِمَالَتِهِ لَهَا

وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَلَّمَهُ رَجُلٌ فِي حَاجَةٍ بِكَلَامٍ أَعْجَبَهُ فَقَالَ هَذَا السِّحْرُ الْحَلَالُ

ومن ها هنا - والله أعلم - أخذ بن الرُّومِيِّ قَوْلَهُ

(وَحَدِيثُهَا السِّحْرُ الْحَلَالُ لَوْ أَنَّهَا ... لَمْ تَجْنِ قَتْلَ الْمُسْلِمِ الْمُتَحَرِّزِ)

(إِنْ طَالَ لَمْ يَمْلُلْ وَإِنْ هِيَ أَوْجَزَتْ ... وَدَّ الْمُحَدِّثِ أَنَّهَا لَمْ تُوجِزْ)

(شَرَكُ الْعُقُولِ وَنُزْهَةٌ مَا مِثْلُهَا ... لِلسَّامِعِينَ وَعَقْلُهُ الْمُسْتَوْفِزِ)

وَأَنْشَدَنِي يُوسُفُ بْنُ هَارُونَ فِي قَصِيدَةٍ لَهُ

(نَطَقَتْ بِسِحْرٍ بَعْدَهَا غَيْرَ أَنَّهُ ... مِنَ السِّحْرِ لَمْ يَخْتَلِفْ فِي حَلَالِهِ)

حَدَّثَنِي عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنِي قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ قال حدثني بن إِدْرِيسَ عَنْ مَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ قَالَ كَانَ زَيْدُ بْنُ إِيَاسٍ يَقُولُ لِلشَّعْبِيِّ يَا مُبْطِلَ الحاجات يعني أنه يشغل جلساءه

<<  <  ج: ص:  >  >>