عَنْ حَوَائِجِهِمْ بِحُسْنِ حَدِيثِهِ مِنْ بَلَاغَةِ الشَّعْبِيِّ مَا حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدٍ الْمِهْرَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُهَلَّبِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي الْعُتْبِيُّ عَنْ مَنْ حَدَّثَهُ قَالَ كَانَ الشَّعْبِيُّ إِنْ سَمِعَ حَدِيثًا وَرَدَّهُ فَكَأَنَّهُ زَادَ فِيهِ مِنْ تَحْسِينِهِ بِلَفْظِهِ فَسَمِعَ يَوْمًا حَدِيثًا وَقَدْ سَمِعَ جَلِيسًا لَهُ يُقَالُ لَهُ رَزِينٌ فَرَدَّهُ الشَّعْبِيُّ وَحَسَّنَهُ فَقَالَ لَهُ رَزِينٌ اتَّقِ اللَّهَ يَا أَبَا عُمَرَ وَلَيْسَ هَكَذَا الْحَدِيثُ فَقَالَ لَهُ الشَّعْبِيُّ يَا رَزِينُ مَا كَانَ أَحْوَجَكَ إِلَى مُحَدْرَجٍ شَدِيدِ الْجَلَدِ لَيِّنِ الْمَهَزَّةِ عظيم الثمرة أخذ ما بين مغرز عتق إِلَى عَجْبِ ذَنَبٍ فَيُوضَعُ مِنْكَ فِي مِثْلِ ذَلِكَ فَيُكْثِرُ لَهُ رَقَصَاتِكَ مِنْ غَيْرِ جَدَلٍ فَلَمْ يَدْرِ مَا قَالَ لَهُ فَقَالَ وَمَا ذَاكَ يَا أَبَا عَمْرٍو فَقَالَ شَيْءٌ لَنَا فِيهِ أَدَبٌ وَلَكَ فِيهِ أَدَبٌ
قَالَ أَبُو عمر ما زالت الْعَرَبُ تَمْدَحُ الْبَيَانَ وَالْفَصَاحَةَ فِي أَشْعَارِهَا وَأَخْبَارِهَا فَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ فِي بن عباس
(إذ قَالَ لَمْ يَتْرُكْ مَقَالًا لِقَائِلٍ ... بِمُنْتَظِمَاتٍ لَا ترى بينها فَصْلَا)
(كَفَى وَشَفَى مَا فِي النُّفُوسِ فَلَمْ ... يَدَعْ لِذِي إِرْبَةٍ فِي الْقَوْلِ جِدًّا وَلَا هَزْلَا)
فِي أَبْيَاتٍ قَدْ ذَكَرْتُهَا فِي التَّمْهِيدِ ولحسان أيضا في بن عَبَّاسٍ
(صَمُوتٌ إِذَا مَا الصَّمْتُ زَيَّنَ أَهْلَهُ ... وَفَتَّاقُ أَبْكَارِ الْكَلَامِ الْمُخَتَّمِ)
(وَعَى مَا وَعَى القرآن من كل حكمة ... ونيطت لها لآداب بِاللَّحْمِ وَالدَّمِ) وَأَنْشَدَ لِعَدَيٍّ ثَعْلَبُ بْنُ الْحَارِثِ التَّيْمِيُّ وَقَالَ إِنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ فِي مَدْحِ الْكَلَامِ أَحْسَنَ مِنْ هَذَيْنِ الْبَيْتَيْنِ
(كَأَنَّ كَلَامَ النَّاسِ جُمِّعَ عِنْدَهُ ... فَيَأْخُذُ مِنْ أَطْرَافِهِ يَتَخَيَّرُ)
(فلم يرض الأكل بِكْرٍ ثَقِيلَةٍ ... تَكَادُ بَيَانًا مِنْ دَمِ الْجَوْفِ تَقْطُرُ) وَقَالَ بَكْرُ بْنُ سَوَادَةَ فِي خَالِدِ بْنِ صَفْوَانَ
(عَلِيمٌ بِتَنْزِيلِ الْكَلَامِ مُلَقَّنٌ ... ذَكُورٌ لِمَا سَدَاهُ أَوَّلَ أَوَّلَا)
(تَرَى خُطَبَاءُ النَّاسِ يَوْمَ ارْتِجَالِهِ ... كَأَنَّهُمُ الْكَرْوَانُ عَايَنَ أَجَدْلَا) وَقَدْ زِدْنَا هَذَا الْمَعْنَى بَيَانًا فِي التَّمْهِيدِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا
١٨٥٣ - مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عِيسَى بن مَرْيَمَ كَانَ يَقُولُ لَا تُكْثِرُوا الْكَلَامَ