رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ فِي مَرَضِهِ (فَأَتَى) فَوَجَدَ أَبَا بَكْرٍ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي بِالنَّاسِ فَاسْتَأْخَرَ أَبُو بَكْرٍ فَأَشَارَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ كَمَا أَنْتَ فَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى جَنْبِ أَبِي بَكْرٍ فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يُصَلِّي بِصَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ النَّاسُ يُصَلُّونَ بِصَلَاةِ أَبِي بَكْرٍ
هَذَا مُرْسَلٌ فِي الْمُوَطَّأِ وقد وصله حماد بن سلمة وبن نُمَيْرٍ وَأَبُو أُسَامَةَ فَرَوَوْهُ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ فِي التميهد
وَفِي الْحَدِيثِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْإِمَامِ وَإِذَا صَلَّى جَالِسًا فَصَلُّوا جُلُوسًا مَنْسُوخٌ لِأَنَّ هَذَا الْفِعْلَ كَانَ سُنَّةً فِي عِلَّتِهِ الَّتِي مَاتَ مِنْهَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَقَوْلُهُ الْأَوَّلُ كَانَ إِذْ صُرِعَ عَنْ فَرَسٍ فَجُحِشَ شِقُّهُ فَصَلَّى فِي بَيْتِهِ صَلَاةً مِنَ الصَّلَوَاتِ يَعْنِي الْمَكْتُوبَاتِ جَالِسًا وَأَشَارَ إِلَى مَنْ خَلْفَهُ أَنْ يَجْلِسَ وَأَمَرَهُمْ أَنْ يُصَلُّوا جُلُوسًا إِذَا صَلَّى إِمَامُهُمْ جَالِسًا
وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ وَالنَّاسَ كَانُوا قِيَامًا خَلْفَهُ وَهُوَ قَاعِدٌ فَلَمْ يُشِرْ إِلَيْهِمْ بِالْجُلُوسِ وَلَا نَهَاهُمْ عَنْ فِعْلِهِمْ ذَلِكَ فَعُلِمَ أَنَّ هَذَا نَاسِخٌ لِمَا قَبْلَهُ
فَإِنْ قِيلَ إِنَّهُ قَدِ اخْتُلِفَ عَنْ عَائِشَةَ فِي حَدِيثِهَا هَذَا فَرُوِيَ عَنْهَا أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ الْمُقَدَّمَ وَرُوِيَ عَنْهَا أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان هُوَ الْإِمَامَ الْمُتَقَدِّمَ فِي تِلْكَ الصَّلَاةِ
قِيلَ وَلَيْسَ هَذَا بِاخْتِلَافٍ لِأَنَّهُ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَبُو بَكْرٍ الْمُقَدَّمَ فِي وَقْتٍ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُقَدَّمَ فِي وَقْتٍ آخَرَ لِأَنَّ مَرَضَهُ كَانَ أَيَّامًا خَرَجَ فِيهَا مِرَارًا
وَقَدْ رَوَى الثِّقَاتُ الْحُفَّاظُ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي بِصَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَاعِدًا وَأَبُو بَكْرٍ قَائِمٌ وَالنَّاسُ قِيَامٌ
وَقَدْ ذَكَرْنَا الْآثَارَ بِذَلِكَ مِنَ الطُّرُقِ الصِّحَاحِ فِي كِتَابِ التَّمْهِيدِ فِي بَابِ مُرْسَلِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ
وَقَدْ رَوَى شُعْبَةُ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ كَانَ أَبُو بَكْرٍ الْمُقَدَّمَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُقَدَّمَ بَيْنَ يَدَيْ أَبِي بَكْرٍ
وَأَكْثَرُ أَحْوَالِ حَدِيثِ عَائِشَةَ فِي هَذَا الْبَابِ (عِنْدَ الْمُخَالِفِ أَنْ يُجْعَلَ مُتَعَارِضًا فَلَا يُوجِبُ حُكْمًا) وَإِذَا كَانَ (ذَلِكَ) كَذَلِكَ لَمْ يحتج بشيء منه ورجعنا إلى حديث بن عَبَّاسٍ فَإِنَّهُ لَمْ يُخْتَلَفْ فِيهِ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ فِي مَرَضِهِ يُهَادَى بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَانْتَهَى إِلَى أَبِي بَكْرٍ وَهُوَ يَؤُمُّ النَّاسَ فَجَلَسَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ وَأَخَذَ مِنَ الْآيَةِ الَّتِي انْتَهَى