للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَدْ ذَكَرْتُ الشِّعْرَ فِي كِتَابِ بَهْجَةِ الْمَجَالِسِ وَمِثْلُ هَذَا كَثِيرٌ فِي أَشْعَارِهِمْ وَأَخْبَارِهِمْ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِي صَلَاةِ الثَّمَانِي رَكَعَاتٍ

وَأَمَّا قولها زعم بن أُمِّي عَلِيٌّ أَنَّهُ قَاتِلُ رَجُلٍ أَجَرْتُهُ فُلَانُ بْنُ هُبَيْرَةَ فَفِيهِ مَا كَانُوا عَلَيْهِ مِنْ تسمية كل شقيق بابن أم دون بن أب عند الدعاء لهم

والخبر عندهم يدلك بذلك عَلَى قُرْبِ الْمَحَلِّ مِنَ الْقَلْبِ وَالْمَنْزِلَةِ مِنَ النَّفْسِ إِذْ جَمِيعُهُمْ بَطْنٌ وَاحِدٌ وَنَحْوَ هَذَا

وَبِهَذَا نَطَقَ الْقُرْآنُ عَلَى لُغَتِهِمْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ حَاكِيًا عَنْ هَارُونَ بْنِ عِمْرَانَ أخي موسى بن عمران (يبنؤم لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي إني) طه ٩٤ ويا (بن أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي) الْأَعْرَافِ ١٥٠ وَهُمَا لِأَبٍ وَأُمٍّ

وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَجَرْنَا مَنْ أَجَرْتِ يَا أُمَّ هَانِئٍ فَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ أَمَانِ الْمَرْأَةِ وَأَنَّهَا إِذَا أَمَّنَتْ مَنْ أَمَّنَتْ حَرُمَ قَتْلُهُ وَحُقِنَ دَمُهُ وَأَنَّهَا لَا فَرْقَ بَيْنَهَا فِي ذَلِكَ وَبَيْنَ الرَّجُلِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ تَقَاتُلٌ

وَعَلَى هَذَا مَذْهَبُ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ بِالْحِجَازِ وَالْعِرَاقِ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِمْ وَالثَّوْرِيِّ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَأَبِي ثَوْرٍ وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقَ وَدَاوُدَ وَغَيْرِهِمْ

وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الْمَاجِشُونِ أَمَانُ الْمَرْأَةِ مَوْقُوفٌ عَلَى جَوَازِ الْإِمَامِ فَإِنْ أَجَازَهُ جَازَ وَإِنْ رَدَّهُ رُدَّ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِمَّنْ يُقَاتِلُ وَلَا مِمَّنْ لَهَا سَهْمٌ فِي الْغَنِيمَةِ

وَاحْتَجَّ مَنْ ذَهَبَ هَذَا الْمَذْهَبَ بِأَنَّ أَمَانَ أُمِّ هَانِئٍ لَوْ كَانَ جَائِزًا عَلَى كُلِّ حَالٍ دُونَ إِذْنِ الْإِمَامِ مَا كَانَ عَلِيٌّ لِيُرِيدَ قَتْلَ مَنْ لَا يَجُوزُ قَتْلُهُ لِأَمَانِ مَنْ يَجُوزُ أَمَانُهُ فَلَوْ كَانَ أَمَانُهَا جَائِزًا لَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَمَّنْتِهِ أَنْتِ أَوْ غَيْرُكِ فَلَا يَحِلُّ قَتْلُهُ فَلَمَّا قَالَ لَهَا قَدْ أَمَّنَّا مَنْ أَمَّنْتِ وَأَجَرْنَا مَنْ أَجَرْتِ كَانَ ذَلِكَ دَلِيلًا عَلَى أَنَّ أَمَانَ الْمَرْأَةِ مَوْقُوفٌ عَلَى إِجَازَةِ الْإِمَامِ أَوْ رَدِّهِ

وَاحْتَجَّ الْآخَرُونَ وَهُمُ الْأَكْثَرُونَ مِنَ الْعُلَمَاءِ بِأَنَّ عَلِيًّا وَغَيْرَهُ لَمْ يَكُنْ يَعْلَمُ إِلَّا مَا عَلَّمَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ عِلْمِ دينه ألا ترى إلى قول بن عُمَرَ بُعِثَ إِلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ لَا نَعْلَمُ شَيْئًا فَإِنَّمَا نَفْعَلُ كَمَا رَأَيْنَاهُ يَفْعَلُ

وَيَحْتَمِلُ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَدْ أَجَرْنَا مَنْ أَجَرْتِ أَيْ فِي حكمنا وسنتنا إجازة مَنْ أَجَرْتِهِ أَنْتَ وَمِثْلُكِ وَلَمْ يَحْتَجْ إِلَى قَوْلِهِ لَهَا أَوْ مِثْلُكِ مِنَ النِّسَاءِ لِأَنَّهُ كان على

<<  <  ج: ص:  >  >>