للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خُلُقٍ عَظِيمٍ وَأَرَادَ تَطْيِيبَ نَفْسِهَا بِإِسْعَافِهَا فِي رَغْبَتِهَا وَإِنْ كَانَتْ قَدْ صَادَفَتْ حُكْمَ اللَّهِ فِي ذَلِكَ

وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ هَذَا التَّأْوِيلِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُسْلِمُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ وَيَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ وَيَرُدُّ عَلَيْهِمْ أَقْصَاهُمْ وَهُمْ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ

وَمَعْنَى قَوْلِهِ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ يُرِيدُ أَنَّ شَرِيفَهُمْ يُقْتَلُ بِوَضِيعِهِمْ إِذَا شَمِلَهُمُ الْإِسْلَامُ وَجَمَعَهُمُ الْإِيمَانُ وَالْحُرِّيَّةُ

وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْكُفَّارَ لَا تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ لِقَوْلِهِ الْمُسْلِمُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ وَهَذَا مَوْضِعٌ اخْتَلَفَ فِيهِ الْعُلَمَاءُ لَيْسَ هَذَا مَوْضِعَ ذِكْرِهِ

وَمَعْنَى قَوْلِهِ يَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ أَنَّ كُلَّ مُسْلِمٍ أَمَّنَ مِنَ الْحَرْبِيِّينَ أَحَدًا جَازَ أَمَانُهُ دَنِيئًا كَانَ أَوْ شَرِيفًا رَجُلًا كَانَ أَوِ امْرَأَةً عَبْدَا كَانَ أَوْ حُرًّا وَفِي هَذَا حُجَّةٌ عَلَى مَنْ لَمْ يُجِزْ أَمَانَ الْمَرْأَةِ وَأَمَانَ الْعَبْدِ

وَمَعْنَى قَوْلِهِ وَيَرُدُّ عَلَيْهِمْ أَقْصَاهُمْ يُرِيدُ السَّرِيَّةَ إِذَا خَرَجَتْ مِنَ الْعَسْكَرِ فَغَنِمَتْ أَبْعَدَتْ فِي خُرُوجِهَا فِي ذَلِكَ وَلَمْ تَبْعُدْ تَرُدُّ مَا غَنِمَتْ عَلَيْهَا وَعَلَى الْعَسْكَرِ الَّذِي خَرَجَتْ مِنْهُ لِأَنَّ بِهِ وَصَلَتْ إِلَى مَا وَصَلَتْ إِلَيْهِ

وَمَعْنَى قَوْلِهِ وَهُمْ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ أَنَّ أَهْلَ الْحَرْبِ إِذَا نَزَلُوا بِمَدِينَةٍ أَوْ قَرْيَةٍ مِنْ قُرَى الْمُسْلِمِينَ فَوَاجِبٌ عَلَى جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَكُونُوا يَدًا وَاحِدَةً عَلَى الْكُفَّارِ حَتَّى يَنْصَرِفُوا عَنْهُمْ إِلَّا أَنْ يَعْلَمُوا أَنَّ بِهِمْ قُوَّةً عَلَى مُدَافَعَتِهِمْ فَيَكُونُ حِينَئِذٍ مُدَافَعَتُهُمْ نَدْبًا وَفَضْلًا لَا وَاجِبَ فَرْضٍ

وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ فِي جَوَازِ أَمَانِ الْمَرْأَةِ مَعَ قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَيَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ أُمِّ هانئ هذا من رواية الحميدي عن بن عيينة عن بن عَجْلَانَ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي مُرَّةَ عَنْ أُمِّ هَانِئٍ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ وَفِيهِ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أجرت

<<  <  ج: ص:  >  >>