للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ أَبُو عُمَرَ الْفَرْقُ عِنْدِي لِمَنْ صَلَّى بِغَيْرِ سُتْرَةٍ بَيْنَ مَنْ يَدْرَأُهُ وَبَيْنَ مَنْ لَا يَدْرَأُهُ هُوَ الْمِقْدَارُ الَّذِي لَا يَنَالُ الْمُصَلِّي فِيهِ الْمَارَّ بَيْنَ يَدَيْهِ إِذَا مَدَّ يَدَهُ إِلَيْهِ لِيَدْرَأَهُ وَيَدْفَعَهُ لِإِجْمَاعِهِمْ عَلَى أَنَّ الْمَشْيَ فِي الصَّلَاةِ لَا يَجُوزُ إِلَّا إِلَى الْفُرَجِ فِي الصَّفِّ لِمَنْ رَكَعَ دُونَهُ

وَقَدْ قِيلَ لَا يَذُبُّ إِلَّا رَاكِعًا وَلَوْ أَجَزْنَا لَهُ الْمَشْيَ إِلَيْهِ بَاعًا أَوْ بَاعَيْنِ مِنْ غَيْرِ أَثَرٍ لَزِمْنَا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ وَذَلِكَ فَاسِدٌ بِإِجْمَاعٍ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ

وَأَمَّا اسْتِقْبَالُ السُّتْرَةِ وَالصَّمْدُ لَهَا فَفِي حَدِيثِ الْمِقْدَادِ بْنِ الْأَسْوَدِ قَالَ مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى إِلَى عُودٍ وَلَا إِلَى عَمُودٍ وَلَا شَجَرَةٍ إِلَّا جَعَلَهُ عَنْ جَانِبِهِ الْأَيْمَنِ أَوِ الْأَيْسَرِ وَلَا يَصْمُدُ لَهُ صَمْدَا

وَكُلُّ الْعُلَمَاءِ يَسْتَحْسِنُونَ هَذَا وَلَا يُوجِبُونَهُ خَوْفًا مِنَ الْحَدِّ فِي مَا لَمْ يُجِزْهُ اللَّهُ وَلَا رَسُولُهُ

وَأَمَّا قَدْرُ السُّتْرَةِ وَصِفَتُهَا فِي ارْتِفَاعِهَا وَغِلَظِهَا فَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي ذَلِكَ

فَقَالَ مَالِكٌ أَقَلُّ مَا يُجْزِئُ الْمُصَلِّي فِي السُّتْرَةِ غِلَظُ الرُّمْحِ وَكَذَلِكَ السَّوْطُ إِنْ كَانَ قَائِمًا وَالْعَصَا وَارْتِفَاعُهَا قَدْرُ عَظْمِ الذِّرَاعِ

هَذَا أَقَلُّ مَا يُجْزِئُ عِنْدَهُ وَلَا يُفْسِدُ غَيْرُهُ صَلَاةَ مَنْ صَلَّى إِلَى غَيْرِ سُتْرَةٍ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مَكْرُوهًا لَهُ

وَقَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي ذَلِكَ كَقَوْلِ مَالِكٍ

وَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ أَقَلُّ السُّتْرَةِ قَدْرُ مُؤَخِّرَةِ الرَّحْلِ وَيَكُونُ ارْتِفَاعُهَا عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ ذِرَاعًا

وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءٍ

وَقَالَ قَتَادَةُ ذِرَاعٌ وَشِبْرٌ

وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ عَلَى قَدْرِ مُؤَخِّرَةِ الرَّحْلِ وَلَمْ يَحُدَّ ذِرَاعًا وَلَا عَظْمَ ذِرَاعٍ وَلَا غَيْرَ ذَلِكَ

وَقَالَ يُجْزِئُ السَّهْمُ وَالسَّوْطُ وَالسَّيْفُ يَعْنِي فِي الْغِلْظَةِ

وَاخْتَلَفُوا فِيمَا يُعْرَّضُ وَلَا يُنْصَبُ وَفِي الْخَطِّ فَكُلُّ مَنْ ذَكَرْنَا قَوْلَهُ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ عِنْدَهُ أَقَلُّ مِنْ عَظْمِ الذِّرَاعِ أَوْ أَقَلُّ مِنْ ذِرَاعٍ لَا يُجِيزُ الْخَطَّ إِلَّا أَنْ يُعَرِّضَ العصا

<<  <  ج: ص:  >  >>