قال أبو عمر قد روى بن نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ أَوَّلُ مَنْ قَدَّمَ الْخُطْبَةَ فِي الْعِيدَيْنِ قَبْلَ الصَّلَاةِ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ
قَالَ مَالِكٌ وَالسُّنَّةُ أَنَّ تُقَدَّمَ الصَّلَاةُ قَبْلَ الْخُطْبَةِ وَبِذَلِكَ عَمِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ صَدْرًا مِنْ خِلَافَتِهِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا قَوْلُ مَنْ قَالَ أَوَّلُ مَنْ قَدَّمَ الْخُطْبَةَ مَرْوَانُ فَإِنَّمَا أَرَادَ بِالْمَدِينَةِ وَهُوَ عَامِلٌ عَلَيْهَا لِمُعَاوِيَةَ
وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُ مَرْوَانَ لِأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ إِذْ أَنْكَرَ ذَلِكَ عَلَيْهِ قَدْ تَرَكَ مَا هُنَالِكَ يَا أَبَا سَعِيدٍ
وَقَدْ ذَكَرْنَا الْآثَارَ بِذَلِكَ كُلِّهِ فِي التَّمْهِيدِ
وَذَكَرْنَا هُنَاكَ اسْمَ أَبُو عُبَيْدٍ وَمَنْ قَالَ فيه مولى بن أَزْهَرَ وَمَنْ قَالَ فِيهِ مَوْلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ
وَالصَّحِيحُ فِي الْأَذَانِ فِي الْعِيدَيْنِ قول سعيد بن المسيب وبن شِهَابٍ وَهُمَا مِنْ أَعْلَمِ النَّاسِ بِالْفِقْهِ وَإِمَامَا النَّاسِ مُعَاوِيَةُ أَوَّلُ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ وَإِنَّمَا مَرْوَانُ وَزِيَادٌ مِنْ أُمَرَائِهِ
وَقَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ إِنَّ أَوَّلَ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ زِيَادٌ يَعْنِي عِنْدَهُمْ بِالْبَصْرَةِ كَقَوْلِ مَنْ قَالَ أَوَّلُ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ مَرْوَانُ يَعْنِي بِالْمَدِينَةِ
وَرَوَى اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِي هِشَامٌ عَنْ سَعْدٍ عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّهُ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ يَقُولُ خَرَجْتُ مَعَ مَرْوَانَ يَوْمًا إِلَى الْمُصَلَّى وَيَدُهُ فِي يَدِي فَأَرَادَ أَنْ يَرْقَى الْمِنْبَرَ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ فَجَذَبْتُ بِيَدِهِ فَقُلْتُ صَلِّهِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ فَقَالَ مَرْوَانُ هَذَا أَمْرٌ قَدْ تُرِكَ يَا أَبَا سَعِيدٍ إِنَّا لَوْ فَعَلْنَا مَا تَقُولُ ذَهَبَ النَّاسُ وَتَرَكُونَا وَقَدْ تُرِكَ مَا تَعْلَمُ فَقُلْتُ إِذًا لَا تَجِدُونَ خَيْرًا مِمَّا أَعْلَمُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَبْدَأُ بِالصَّلَاةِ فِي هَذَا الْيَوْمِ
وأما قول بن عمر في حديث مالك عن بن شِهَابٍ عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ فِي هَذَا الْبَابِ إِنَّ هَذَيْنِ يَوْمَانِ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ عَنْ صومهما يوم فطركم من صياتكم وَالْآخَرُ يَوْمَ تَأْكُلُونَ فِيهِ مِنْ نُسُكِكُمْ
فَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فِي أَنَّ صِيَامَ يَوْمِ الْفِطْرِ وَيَوْمِ الْأَضْحَى لَا يَجُوزُ لِهَذَا الْحَدِيثِ وَمَا كَانَ مِثْلَهُ لَا لِنَاذِرِ صَوْمِهِمَا وَلَا لِمُتَطَوِّعٍ وَلَا لِقَاضٍ فِيهِمَا أَيَّامًا مِنْ رَمَضَانَ