وَإِنَّمَا اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي صِيَامِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ لِلْمُتَمَتِّعِ إِذَا لَمْ يَجِدْ هَدْيًا وَلَمْ يَصُمْ قَبْلَ يَوْمِ عَرَفَةَ عَلَى مَا نَذْكُرُهُ عَنْهُمْ فِي مَوْضِعِهِ مِنْ كِتَابِ الْحَجِّ وَكِتَابِ الصِّيَامِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ
وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الضَّحَايَا نُسُكٌ وَأَنَّ الْأَكْلَ مُبَاحٌ مَنْدُوبٌ إِلَيْهِ وَكَذَلِكَ هَدْيُ التَّطَوُّعِ إِذَا بَلَغَ مَحِلَّهُ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ (فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ) الْحَجِّ ٢٨ و (الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ) الْحَجِّ ٣٦
وَأَمَّا قَوْلُ عُثْمَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ قَدِ اجْتَمَعَ لَكُمْ فِي يَوْمِكُمْ هَذَا عِيدَانِ يَعْنِي الْجُمُعَةَ وَالْعِيدَ فَمَنْ أَحَبَّ مِنْ أَهْلِ الْعَالِيَةِ أَنْ يَنْتَظِرَ الْجُمُعَةَ فَلْيَنْتَظِرْهَا وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَرْجِعَ فَقَدْ أَذِنْتُ لَهُ
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ مَعْنَى مَا رُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ فِي ذَلِكَ
ذَكَرَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عِيدَيْنِ اجْتَمَعَا عَلَى عَهْدِ عَلِيٍّ فَخَطَبَهُمْ وَقَالَ إِنَّ هَذَا يَوْمٌ اجْتَمَعَ فِيهِ عِيدَانِ وَنَحْنُ نُصَلِّيهِمَا جَمِيعًا وَلَكُمْ رُخْصَةٌ أَيُّهَا النَّاسُ فَمَنْ شَاءَ جَاءَ وَمَنْ شاء قعد
وذكر علي بن المديني وبن أَبِي شَيْبَةَ جَمِيعًا عَنْ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ اجْتَمَعَ عِيدَانِ عَلَى عَهْدِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَصَلَّى بِهِمُ الْعِيدَ ثُمَّ قَالَ إِنَّا مُجْمِعُونَ مَنْ شَاءَ أَنْ يَشْهَدَ فَلْيَشْهَدِ اللَّفْظُ لِابْنِ أَبِي شَيْبَةَ
وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ الثَّوْرِيِّ عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ قَالَ فِي يَوْمِ جُمُعَةٍ وَعِيدٍ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَجْمَعَ فَلْيَجْمَعْ وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَجْلِسَ فَلْيَجْلِسْ
قَالَ أَبُو عُمَرَ ذَهَبَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي إِذْنِ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِيمَا ذهب لأهل العوالي إلى أنه عنده غيره معمول به
ذكر بن الْقَاسِمِ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ لَيْسَ عَلَيْهِ الْعَمَلُ
وَذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى الْجُمُعَةَ لَازِمَةً لِمَنْ كَانَ مِنَ الْمَدِينَةِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ وَالْعَوَالِي عِنْدَهُمْ أَكْثَرُهَا كَذَلِكَ فَمِنْ هُنَا لَمْ يَرَ الْعَمَلَ عَلَى إِذْنِ عُثْمَانَ وَرَأَى أَنَّهُ جَائِزٌ لَهُ خِلَافَهُ بِاجْتِهَادِهِ إِلَى رُؤَى الْجَمَاعَةِ الْعَامِلِينَ بِالْمَدِينَةِ بِمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ فِي ذَلِكَ
وَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَأَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ إِنَّ إِذْنَ عُثْمَانَ كَانَ لِمَنْ لَا تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ مِنْ أَهْلِ الْعَوَالِي لِأَنَّ الْجُمُعَةَ لَا تَجِبْ إِلَّا عَلَى أَهْلِ الْمِصْرِ عِنْدَ الكوفيين