من ترك الصلاة، أو الزكاة، أو الصيام، أو أشرك بالله، أو استهان بالمصحف، وبين من يسرق، ويزني، أو يشرب، أو ينهب، أو صدر منه نوع موالاة، كما جرى لحاطب، فمن سوَّى بين شُعب الإيمان في الأسماء والأحكام، أو سوَّى بين شُعب الكفر في ذلك، فهو مخالف للكتاب والسنة، خارج عن سبيل سلف الأمة، داخل في عموم أهل البدع والأهواء.
الأصل الثالث: أن الإيمان مركب، من قول وعمل، والقول قسمان:
قول القلب، وهو: اعتقاده.
وقول اللسان، وهو: التكلُّم بكلمة الإسلام.
والعمل قسمان:
عمل القلب وهو: قصده، واختياره، ومحبته، ورضاه، وتصديقه.
وعمل الجوارح: كالصلاة، والزكاة، والحج، والجهاد، ونحو ذلك من الأعمال الظاهرة.
فإذا زال تصديق القلب، ورضاه، ومحبته لله، وصدقه، زال الإيمان بالكلية.
وإذا زال شيء من الأعمال، كالصلاة، والحج، والجهاد، مع بقاء تصديق القلب وقَبوله، فهذا محل خلاف، هل يزول الإيمان بالكلية، إذا ترك أحد الأركان الإسلامية، كالصلاة، والحج، والزكاة، والصيام، أو لا يزول؟ وهل: يكفر تاركه أو لا يكفر؟ وهل: يفرق بين الصلاة، وغيرها، أو لا يفرق؟
فأهل السنة: مجمعون على أنه لا بد من عمل القلب، الذي هو: محبته، ورضاه، وانقياده، والمرجئة تقول: يكفي التصديق فقط، ويكون به مؤمنًا، والخلاف في أعمال الجوارح، هل يكفر أو لا يكفر، واقع بين أهل السنة والمعروف عند السلف: تكفير من ترك أحد المباني الإسلامية، كالصلاة، والزكاة، والصيام، والحج، والقول الثاني: أنه لا يكفر إلاَّ من جحدها.