للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكقوله: {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلاَئِكَةِ أَهَؤُلاَء إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ * قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنتَ وَلِيُّنَا مِن دُونِهِم بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُم بِهِم مُّؤْمِنُونَ} [سبأ: ٤٠، ٤١].

وإن كان ممن يدعو إلى عبادة نفسه، أو كان شجرًا أو حجرًا أو قبرًا، أو غير ذلك مما يتخذه المشركون أصنامًا على صور الصالحين، والملائكة وغير ذلك، فهي من الطاغوت الذي أمر الله تعالى عباده أن يكفروا بعبادته، ويتبرأوا منه، من عبادة كل معبود سوى الله كائنًا من كان، وهذا كله من عمل الشيطان وتسويله، فهو الذي دعا إلى كل باطل وزيَّنَه لمن فعله، وهذا ينافي التوحيد الذي هو معنى شهادة أن لا إله إلاَّ الله.

فالتوحيد: هو الكفر بكل طاغوت عبده العابدون من دون الله، وكما قال تعالى: {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَاء مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاء أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ} [الممتحنة: ٤]، وكل من عبد غير الله فقد جاوز به حدَّه وأعطاه من العبادة ما لا يستحقه.

قال الإمام مالك رحمه الله: «الطاغوت ما عبد من دون الله».

وكذلك من دعا إلى تحكيم غير الله ورسوله فقد ترك ما جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم - ورغب عنه، وجعل لله شريكًا في الطاعة وخالف ما جاء به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيما أمره الله تعالى به في قوله: {وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَآ أَنزَلَ اللهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللهُ إِلَيْكَ} [المائدة: ٤٩].

وقوله تعالى: {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا} [النساء: ٦٥].

فمن خالف ما أمر الله به ورسوله - صلى الله عليه وسلم - بأن حكم بين الناس بغير ما أنزل

<<  <   >  >>