ومنها: إيذاء أصحابها بما يفعله عباد القبور بها، فإنه يؤذيهم ما يفعلونه عند قبورهم، ويكرهونه غاية الكراهة، كما أن المسيح - عليه السلام - يكره ما يفعله النصاري، وكذلك غيره من الأنبياء والأولياء، يؤذيهم ما يفعله أشباه النصاري عند قبورهم، ويوم القيامة يتبرءون منهم كما قال تعالى:{وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّن يَدْعُو مِن دُونِ اللَّهِ مَن لَّا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَومِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَن دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ * وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاء وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ}[الأحقاف: ٥، ٦].
ومنها: محادَّة الله ورسوله، ومناقضة ما شرعه فيها.
ومنها: التعب العظيم مع الوزر الكبير، والإثم العظيم.
وكل هذه المفاسد العظيمة وغيرها مما لم يذكر، إنما حدثت بسبب البناء على القبور، ولهذا تجد القبور التي ليس عليها قباب لا يأتيها أحدٌ لا يعتادها لشيء مما ذكر إلاَّ ما شاء الله، وصاحب الشرع أعلم بما يؤول إليه هذا الأمر، فلذلك غلَّط فيه وأبدأ وأعاد، ولعن من فعله، فالخير والهدى في طاعته، والشر والضلال في معصيته ومخالفته.
والعجب ممن يشاهد هذه المفاسد العظيمة عند القبور، ثم يظن أن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما نهى عن اتخاذ المساجد عليها لأجل النجاسة، كما يظنه بعض متأخري الفقهاء، ولو كان ذلك لأجل النجاسة، لكان ذكر المجازر والحشوش، بل ذكر التحرز من البول والغائط أولى. وإنما ذلك لأجل نجاسة الشرك، التي وقعت من عبَّاد القبور، لما خالفوا ذلك، ونبذوه وراء ظهورهم، واشتروا به ثمنًا قليلاً، فبئس ما يشترون». (المختصر المفيد: ٢٦٦، ٢٧٠).