قوله:{وَكَانَ اللهُ غَفُورًا رَحِيمًا}[النساء: ٩٦]، قال ابن كثير في الكلام على هذه الآية، وهذه الآية: عامة في كل من أقام بين أظهر المشركين، وهو قادر على الهجرة، وليس متمكنًا من إقامة الدين، فهو مرتكب حرامًا بالإجماع، ونص هذه الآية، والآيات في هذا المعنى كثيرة يعرفها من قرأ القرآن وتدبره.
وفي الأحاديث المأثورة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ما يدل على ما دل عليه القرآن، مثل قوله - صلى الله عليه وسلم -: «من جامع المشرك وسكن معه فإنه مثله»، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: «ولا تستضيئوا بنار المشركين». وحديث بهز بن حكيم:«أن تفر من شاهق إلى شاهق بدينك».
قال ابن كثير معناه: لا تقاربوهم في المنازل، بحيث تكونوا معهم في بلادهم، بل تباعدوهم، وتهاجروا من بلادهم، ولهذا روى أبو داود فقال:«لا تراءى ناراهما».
وفي قصة إسلام جرير لما قال: يا رسول الله، بايعني واشترط، فقال:«أن تعبد الله ولا تشرك به شيئًا، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتفارق المشركين»، وعن عبد الله بن عمرو، أنه قال: من بنى بأرض المشركين، وصنع نيروزهم ومهرجانهم، وتشبَّه بهم حتى يموت، حُشِر معهم يوم القيامة.
وكلام العلماء في المنع من الإقامة عند المشركين، وتحريم مجامعتهم، ووجوب مباينتهم، كثير معروف، خصوصًا أئمَّة هذه الدعوة الإسلامية، كالشيخ محمد بن عبد الوهاب، وأولاده، وأولادهم، وأتباعهم من أهل العلم والدين، ففي كتبهم من ذلك ما يكفي ويشفي من {كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ}[ق: ٣٧].
فمن ذلك ما قال الشيخ: عبد الطيف، في بعض رسائل: إن الإقامة ببلد يعلو فيها الشرك، والكفر، ويظهر فيها دين الإفرنج، والروافض، ونحوهم