للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال شيخ الإسلام: ما علمت أحدًا، أي: من علماء السلف رخَّص فيه، - أي: قصد الرجل القبر لأجل السلام - لأن ذلك نوع من اتخاذه عيدًا، ويدل أيضًا على أن قصد القبر للسلام إذا دخل المسجد ليصلي منهي عنه، لأن ذلك من اتخاذه عيدًا، وكره مالك لأهل المدينة كلما دخل إنسان المسجد أن يأتي قبر النبي - صلى الله عليه وسلم -، لأن السلف لم يكونوا يفعلون ذلك. قال: ولن يصلح آخر هذه الأمة إلاَّ ما أصلح أولها، بل كان الصحابة والتابعون يأتون إلى مسجده - صلى الله عليه وسلم - فيصلون خلف أبي بكر وعمر وعثمان وعلي - رضي الله عنه -، ثم إذا قضوا الصلاة قعدوا، أو خرجوا، ولم يكونوا يأتون القبر للسلام، لعلمهم أن الصلاة والسلام عليه في الصلاة أكمل وأفضل ....

والمقصود أن الصحابة ما كانوا يعتادون الصلاة والسَّلام عليه عند قبره، كما يفعله من بعدهم من الخلوف، وإنما كان بعضهم يأتي من خارج فيسلم عليه، إذا قدم من سفر، كما كان ابن عمر - رضي الله عنه - يفعل.

قال عبيد الله بن عمر عن نافع: كان ابن عمر إذا قدم من سفر أتى قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: السلام عليك يا رسول الله، السلام عليك يا أبا بكر، السلام عليك يا أبتاه، ثم ينصرف.

قال عبيد الله: ما نعلم أحدًا من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - فعل ذلك إلاَّ ابن عمر. وهذا يدل على أنه لا يقف عند القبر للدعاء إذا سلم كما يفعله كثير. قال شيخ الإسلام: إن ذلك لم ينقل عن أحد من الصحابة، فكان بدعة محضة (١). وفي «المبسوط» قال مالك: لا أرى أن يقف عند قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - ولكن ليسلم ويمضي.

والحكاية التي رواها القاضي عياض بإسناده عن مالك في قصته مع


(١) انظر لنص الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى لهذه المسألة في الصفحة القادمة.

<<  <   >  >>