للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أبا سعيد وذكر عنده الصلاة في الطور، فقال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا ينبغي للمطي أن تشد رحالها إلى مسجد يبتغى فيه الصلاة غير المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى»، فأبو سعيد جعل الطور مما نهي عن شد الرحال إليه، مع أن اللفظ الذي ذكر إنما فيه النهي عن شدها إلى المساجد، فدل على أنه علم أنه غير المساجد أولى بالنهي، والطور إنما يسافر من يسافر إليه لفضيلة البقعة، وأن الله تعالى سماه الوادي المقدس والبقعة المباركة، وكلَّم الله موسى هناك» (١).

* * *

* لقد ظن عبَّاد القبور: جواز التوجه إلى الله بالأموات قياسًا على جواز التوجه إليه سبحانه بدعاء الأحياء، ثم جعلوا ذلك سُلَّمًا إلى عبادة الأموات، وإلى الشرك والتنديد بربِّ الأرض والسموات.

قال الشيخ سليمان بن عبد الله في شرحه على كتاب التوحيد:

«ولكن لعباد القبور على هذا (٢) شبهات، ذكر المصنف كثيرًا منها في «كشف الشبهات» ونحن نذكر هنا ما لم يذكره.

فمن ذلك أنهم احتجوا بحديث رواه الترمذي في «جامعه» حيث قال: حدثنا محمود بن غيلان، ثنا عثمان بن عمرو، ثنا شعبة عن أبي جعفر عن عمارة بن خزيمة بن ثابت، عن عثمان بن حنيف، أن رجلاً ضرير البصر أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: ادع الله أن يعافيني، قال: «إن شئت دعوت، وإن شئت صبرت، فهو خير لك» قال: فادعه، فأمره أن يتوضأ، ويحسن وضوءه، ويدعو بهذا الدعاء: «اللهم إني أسألك، وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة، إني


(١) «تيسير العزيز الحميد»: (ص ٢٣٦ - ٢٤٣).
(٢) أي على جواز دعاء الأموات، فيما لا يقدر عليه إلا رب الأرض والسموات.

<<  <   >  >>