للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأسباب التي يتعلق بها المشركون جميعها، فالمشرك إنما يتخذ معبوده لما يحصل له من النفع، والنفع لا يكون إلاَّ ممن فيه خصلة من هذه الأربع: إما مالك لما يريد عابده منه، فإن لم يكن مالكًا كان شريكًا للمالك، فإن لم يكن شريكًا له كان معينًا له وظهيرًا، فإن لم يكن معينًا ولا ظهيرًا كان شفيعًا عنده.

فنفى الله سبحانه المراتب الأربع نفيًا مرتبًا، منتقلاً من الأعلى إلى الأدنى، فنفى: الملك والشركة والمظاهرة والشفاعة التي يطلبها المشرك، وأثبت شفاعة لا نصيب فيها لمشرك، وهي الشفاعة بإذنه.

فكفى بهذه الآية نورًا وبرهانًا وتجريدًا للتوحيد، وقطعًا لأصل الشرك ومواده لمن عقلها.

والقرآن مملوء من أمثالها ونظائرها، ولكن أكثر الناس لا يشعرون بدخول الواقع تحته وتضمُّنه له، ويظنونها في نوع وقوم قد خلوا من قبل ولم يعقبوا وارثًا، فهذا هو الذي يحول بين القلب وبين فهم القرآن.

ولعمر الله، إن كان أولئك قد خلوا فقد ورثهم من هو مثلهم أو شر منهم أو دونهم، وتناول القرآن لهم كتناوله لأولئك ...

وهذا الذي ذكره الإمام في معنى الآية هو حقيقة دين الإسلام، كما قال تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لله وَهُوَ مُحْسِنٌ واتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً} [النساء: ١٢٥].

قوله: قال أبو العباس هذه كنية شيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن تيمية الحرَّاني إمام المسلمين رحمه الله.

(نفى الله عما سواه كل علائق المشركين)

قوله: نفى الله عما سواه كل ما يتعلق به المشركون، فنفى أن يكون لغيره ملك أو قسط منه، أو يكون عونًا لله. فلم يبق إلاَّ الشفاعة، فبين أنها لا

<<  <   >  >>