تنفع إلاَّ لمن أذن له الرب، كما قال تعالى عن الملائكة:{وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى}[الأنبياء: ٢٨].
فهذه الشفاعة التي يظنها المشركون، هي منتفية يوم القيامة، كما نفاها القرآن، وأخبر النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أنه يأتي فيسجد لربه ويحمده»، لا يبدأ بالشفاعة أوَّلاً. ثم يقال له:«ارفع رأسك وقل تسمع، وسل تعط، واشفع تشفع». قال له أبو هريرة: من أسعد الناس بشفاعتك؟ قال:«من قال لا إله إلاَّ الله خالصًا من قلبه».
فتلك الشفاعة لأهل الإخلاص بإذن الله، ولا تكون لمن أشرك بالله، وحقيقتها: أن الله سبحانه وتعالى هو الذي يتفضل على أهل الإخلاص، فيغفر لهم بواسطة دعاء من أذن له أن يشفع ليكرمه، وينال المقام المحمود.
فالشفاعة التي نفاها القرآن ما كان فيها شرك، ولهذا أثبت الشفاعة بإذنه في مواضع، وقد بيَّن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنها لا تكون إلاَّ لأهل التوحيد والإخلاص. انتهى.
قوله: وقال أبو هريرة إلى آخره. هذا الحديث رواه البخاري والنسائي عن أبي هريرة ورواه أحمد وصححه ابن حبان وفيه:«وشفاعتي لمن قال لا إله إلاَّ الله مخلصًا، يصدق قلبه لسانه، ولسانه قلبه»، وشاهده في صحيح مسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لكل نبي دعوة مستجابة، فتعجَّل كل بني دعوته، وإني اختبأت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة، فهي نائلة إن شاء الله من مات لا يشرك بالله شيئًا».
وقد ساق المصنف رحمه الله كلام شيخ الإسلام هنا، فقام مقام الشرح والتفسير لما في هذا الباب من الآيات، وهو كاف واف بتحقيق مع الإيجاز. والله أعلم.
وقد عرف الإخلاص بتعريف حسن فقال: «الإخلاص محبة الله وحده