فإذا اختلف الناس في شيء من أمور الدين، هل هو واجب أو محرَّم أو جائز، وجب رد ما وقع فيه الاختلاف إلى الله والرسول، ويجب على المؤمن إذا دعي إلى ذلك أن يقول: سمعًا وطاعة، قال الله تعالى:{إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا}[النور: ٥١]، فنحن نحاكم من نازعنا في هذه المسألة وغيرها من المسائل، إلى الله والرسول، لا إلى أقوال الرجال وآرائهم.
فنقول لمن أجاز بناء القباب على القبور بالجص والآجر، وأسرجها وفرشها بالرخام، وعلَّق عليها قناديل الفضة وبيض النعام، وكساها كما يكسى بيت الله الحرام: هل أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بهذا وحثَّ عليه؟ أم نهى عنه وأمر بإزالة مع وضع من ذلك عليه؟. فما أمرنا به ائتمرنا، وما نهانا عنه انتهينا، وسنته هي الحاكمة بيننا وبين خصومنا في محل النزاع.
فنقول: قد ثبت في صحيح مسلم عن أبي الهياج الأسدي، قال: قال لي علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -: ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أن لا أدع تمثالاً إلاَّ طمسته، ولا قبرًا مشرفًا إلاَّ سويته». وفي صحيحه أيضًا: عن ثمامة بن شفي الهماني، قال: كنا مع فضالة بن عبيد بأرض الروم، فتوفي صاحب لنا، فأمر فضالة بن عبيد بقبره فسوِّي، ثم قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يأمر بتسويتها»، وفي صحيحه أيضًا، عن جابر بن عبد الله،
قال:«نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن تجصيص القبر، وأن يقعد عليه، وأن يبنى
عليه». وفي سنن أبي داود، والترمذي، عن جابر - رضي الله عنه -: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -