الملائكة والنبيين أربابًا كفر، فمن جعل الملائكة والأنبياء وسائط، يدعوهم ويتوكل عليهم، ويسألهم جلب المنافع ودفع المضار، مثل أن يسألهم غفران الذنوب، وهداية القلوب، وتفريج الكربات، وسد الفاقات، فهو كافر بإجماع المسلمين ....
فمن أثبت الوسائط: بين الله وبين خلقه، كالحجَّاب الذين بين الملك ورعيته، بحيث يكونون هم يرفعون إلى الله حوائج خلقه، وأن الله تعالى إنما يهدي عباده ويرزقهم بتوسطهم، بمعنى: أن الخلق يسألونهم، وهم يسألون الله، كما أن الوسائط عند الملوك، يسألون الملوك حوائج الناس بقربهم منهم، والناس يسألون أدبًا منهم أن يباشروا سؤال الملك، أو لأن طلبهم من الوسائط أنفع لهم من طلبهم من الملك، لكونهم أقرب إلى الملك من الطلب.
فمن أثبتهم وسائط على هذا الوجه، فهو كافر مشرك، يجب أن يستتاب، فإن تاب وإلاَّ قتل، وهؤلاء مشبِّهون شبَّهوا الخالق بالمخلوق، وجعلوا لله أندادًا، وفي القرآن من الرد على هؤلاء، ما لا تتسع له هذه الفتوى ....
وأما قوله الثاني: إن نظر فيه من حيثية القول، فهو كالحلف بغير الله، وقد ورد أنه شرك وكفر، ثم أوَّلوه بالأصغر، وإن نظر فيه من حيثية الاعتقاد، فهو كالطيرة وهي من الأصغر.
(الفرق بين دعاء غير الله، والحلف بغيره سبحانه)
فنقول: هذا كلام باطل، وليس يخفى ما بينهما من الفرق، فأي مشابهة بين من وحَّد الله وعبده، ولم يشرك معه أحدًا من خلقه، وأنزل حاجاته كلها بالله، واستغاث به في تفريج كرباته، وإغاثة لهفاته، لكنه حلف بغير الله يمينًا مجردة لم يقصد بها تعظيمه على ربه، ولم يسأله ولم يستغث به، وبين من