فمن صرف الدعاء لغير الله، فقد أشرك في الدين الذي أمر الله بإخلاصه، وفي العبادة التي أمر الله بها.
وأيضًا: فإن الداعي راغب راهب، فالعبد يدعو ربه رغبًا ورهبًا، ويتوكل عليه في حصول مطلوبه، ودفع مرهوبه، فإذا طلب فوائده، وكشف شدائده من غير الله، فقد أشرك مع الله في الرغبة والرهبة، والرجاء والتوكل، فإن هذا من لوازم الدعاء، وهو من العبادة التي أمر الله بها، كقوله تعالى:{وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ}[الشرح: ٨]، وقوله تعالى:{فَإيَّايَ فَارْهَبُونِ}[النحل: ٥١]، وقال:{وَعَلَى اللهِ فَتَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ}[المائدة: ٢٣] ....
(الشرك أسبق تحريمًا من الحلف بغير الله)
ويقال أيضًا: من المعلوم بالاضطرار من دين الإسلام، أن الله تعالى بعث محمدًا - صلى الله عليه وسلم - يدعو إلى التوحيد، وينهى عن الإشراك، فكان أول آية أرسله الله بها {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنذِرْ * وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ * وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ * وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ}[المدثر: ١ - ٥].
فأنذر عن الشرك، وهجر الأوثان، وكبَّر الله، وعظمه بالتوحيد.
فاستجاب له من استجاب من المسلمين، وصبروا على الأذى من قومهم، وقاسوا الشدائد العظيمة، فهاجروا وأخرجوا من ديارهم، وأوذوا في الله، وتميز الكافر من المسلم. ومات من المسلمين من استوجب الجنة، ومات من الكفار من استوجب النار، هذا كله قبل النهي عن الحلف بغير الله.
فالاستغاثة بأهل القبور، واستنجادهم واستنصارهم، لم يبح في شرائع الرسل كلهم، بل بعث الله جميع رسله بالنهي عن ذلك، والأمر بعبادته وحده لا شريك له.
وأما الحلف: فكان الصحابة يحلفون بآبائهم، ويحلفون بالكعبة وغير