ومن استدل بالحديث على امتناع وجود كفر في جزيرة العرب، فهو ضال مضل، فماذا يقول هذا الضال في الذين قاتلهم الصديق - رضي الله عنه - والصحابة من العرب، وسمُّوهم: مرتدين كفارًا؟! فلازم دعوى هذا الضال: أنه لم يكفر أحد من العرب بعد موته - صلى الله عليه وسلم -، وأن الصحابة أخطؤوا في قتالهم، والحكم عليهم بالردة.
وقد ثبت في الحديث الصحيح، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:«لا تقوم الساعة حتى تُعبد اللات والعزى» ومكانهما معلوم، وقال - صلى الله عليه وسلم -: «لا تقوم الساعة حتى تضطرب أليات نساء دوس عند ذي الخلصة» وهو صنم لدوس رهط أبي هريرة، بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جرير بن عبد الله البجلي وهدمه، وفي الحديث الصحيح من خبر الدجال: أنه لا يدخل المدينة، بل ينزل بالسبخة، فترجف المدينة ثلاث رجفات، فيخرج منها كل كافر ومنافق، فأخبر أن في المدينة إذ ذاك كفارًا ومنافقين» (١).
* * *
* وأخيرًا لا آخرًا، نص جمهورهم على أن من نطق بالشهادتين، مريدًا بهما الإسلام. قد يجوز تكفيره بحال:
ورد على الشيخ عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب - رحمهم الله تعالى - سؤال جاء فيه: ما حكم من يقول: إن من تكلم بالشهادتين لم يجز تكفيره؟
فأجاب رحمه الله بقوله: «وأما قول، من يقول: إن من تكلَّم بالشهادتين ما يجوز تكفيره، وقائل هذا القول لا بد أن يتناقض، ولا يمكنه طرد قوله في
(١) «الدرر السنية»: (١٢/ ١٣١ - ١٣٣)، ويراجع في هذا المعنى أيضًا رسالة قيمة للشيخ أبي بطين في الدرر السنية: (١٢/ ١١٣ - ١١٩).