وجليلها، وتعظيم شرعه ودينه، والإذعان لأحكامه في أصول الدين وفروعه.
(فالأول): ينافي الشرك ولا يصح مع وجوده.
(والثاني): ينافي البدع ولا يستقيم مع حدوثها، فإذا تحقق وجود هذين الأصلين علمًا وعملاً ودعوة، وكان هذا دين أهل البلد، أي بلد كان بأن عملوا به، ودعوا إليه، وكانوا أولياء لمن دان به، ومعادين لمن خالفه فهم موحِّدون.
وأما إذا كان الشرك فاشيًا مثل: دعاء الكعبة والمقام والحطيم، ودعاء الأنبياء والصالحين، وإفشاء توابع الشرك مثل: الزنا والربا وأنواع الظلم ونبذ السنن وراء الظهر، وفشو البدع والضلالات، وصار التحاكم إلى الأئمة الظلمة ونواب المشركين، وصارت الدعوة إلى غير القرآن والسنة، وصار هذا معلومًا في أي بلد كان، فلا يشك من له أدنى علم أن هذه البلاد محكوم عليها بأنها: بلاد كفر وشرك، لا سيما إذا كانوا معادين أهل التوحيد، وساعين في إزالة دينهم وفي تخريب بلاد الإسلام.
وإذا أردت إقامة الدليل على ذلك وجدت القرآن كله، فيه، وقد أجمع عليه العلماء فهو معلوم بالضرورة عند كل عالم.
وأما قول القائل ما ذكرتم من الشرك إنما هو من الأفاقية (١)، لا من أهل البلد.
فيقال له أولاً: هذا إما مكابرة، وإما عدم علم بالواقع.
فمن المتقرر أن أهل الآفاق تبع لأهل تلك البلاد في دعاء الكعبة والمقام والحطيم، كما يسمعه كل سامع ويعرفه كل موحد.
ويقال ثانيًا: إذا تقرر وصار هذا معلومًا فذاك كاف في المسألة، ومن الذي فرق في ذلك، ويا لله العجب إذا كنتم تخفون توحيدكم في بلادكم، ولا تقدرون أن تصرِّحوا بدينكم، وتخافتون بصلاتكم لأنكم علمت عداوتهم
(١) أي: الذين يأتون إلى مكة المكرمة زائرين، لا أهل البلد الأصليين.