للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لهذا الدين، وبغضهم لمن دان به، فكيف يقع لعاقل إشكال، أرأيتم لو قال رجل منكم لمن يدعو الكعبة أو المقام أو الحطيم، ويدعو الرسول والصحابة: يا هذا لا تدع غير الله، أو أنت مشرك، هل تراهم يسامحونه أم يكيدونه؟ فليعلم المجادل أنه ليس على توحيد الله، فوالله ما عرف التوحيد ولا تحقق بدين الرسول - صلى الله عليه وسلم -. أرأيت رجلاً عندهم قائلاً لهؤلاء: راجعوا دينكم أو اهدموا البناءات التي على القبور، ولا يحل لكم دعاء غير الله، هل ترى يكفيهم فيه فعل قريش بمحمد - صلى الله عليه وسلم - لا والله لا والله.

وإذا كانت الدار: دار إسلام - لأي شيء - لِمَ تدعوهم إلى الإسلام وتأمرهم بهدم القباب واجتناب الشرك وتوابعه؟

فإن يكن قد غرَّكم أنهم يصلون أو يحجون أو يصومون ويتصدَّقون، فتأملوا: الأمر من أوله، وهو أن التوحيد قد تقرر في مكة بدعوة إسماعيل بن إبراهيم الخليل عليهما السلام، ومكث أهل مكة عليه مدة من الزمان، ثم إنه فشا فيهم الشرك بسبب عمرو بن لحي، وصاروا مشركين، وصارت البلاد بلاد شرك، مع أنه قد بقي معهم أشياء من الدين، وكما كانوا يحجُّون ويتصدقون على الحاج وغير الحاج.

وقد بلغكم شعر عبد المطلب (١) الذي أخلص فيه في قصة الفيل، وغير


(١) قام عبد المطلب، فأخذ بحلقة باب الكعبة، وقام معه نفر من قريش يدعون الله، ويستنصرونه على أبرهة، فقال عبد المطلب، وهو آخو بحلقة باب الكعبة.
يا رب لا أرجو لهم سواكا ... يا رب فامنع منهم حماكا
إن عدو البيت من عاداكا ... امنعهم أن يخربوا فناكا

وله شعر آخر في هذا الأمر، لا يدعو فيه إلاَّ الله وحده، ولا يستنصر فيه أحدًا سواه.
انظر: الكامل في التاريخ للإمام ابن الأثير: (١/ ٣٤٣، ٣٤٤) ذكر أمر الفيل: تحقيق عبد الله القاضي - دار الكتب العلمية - الطبعة الثانية ١٤١٥ هـ، ١٩٩٥ م.

<<  <   >  >>