لقد كان نصب عيني منذ الوهلة الأولى للشروع في هذا الكتاب، أن تعرض أصوله، وقواعده، وردوده، ونتائجه دون أدني شائبة تَدَخُّل، أو وصاية على ما قرره هؤلاء الأئمة الأعلام، من أحكام وتقريرات، لتبقى بصماتهم، عالية وكاملة وظاهرة عليها؛ لأني على قناعة تامة، بحاجة الأمة الضرورية، إلى ما قررته أئمتها الأعلام، وعلماؤها الربانيون، لكن بشرط عزيز، وهو أن تعرض كاملة، وواضحة، ومركزة، وبأمانة تامة، دون أي حذف، أو شطب، أو اختزال لشيء غير مراد من تراثهم، وما سطرته أيديهم. ولذلك فقد كان همي الأكبر في هذا المقام، أن يقدم هذا الإرث الطاهر للأمة الإسلامية في صورة منهج أصيل متكامل كما كان في حس صاحبه ومؤسسه الإمام محمد بن عبد الوهاب، وأحفاده وتلاميذه رحمهم الله جميعًا.
ولقد قمت بتقسيم الكتاب إلى ثلاثة أبواب، الباب الأول جاء في: أصول التوحيد والإسلام والإيمان؛ والباب الثاني في: الشرك والمشركين؛ والباب الثالث في: الأحكام المترتبة على مفهوم التوحيد والشرك.
وإفرادي للأحكام المترتبة على مفهوم التوحيد والشرك في جزء منفرد عن جزئي التوحيد والشرك، من أجل أن يتم الفصل التام بين القيام بالتوحيد مع البراءة من الشرك، كعقيدة يجب القيام بها، ليتحقق بذلك أصل الدين، ويكون المرء به مسلمًا، وبين إجراء الأحكام المنبثق من تصور حَدَّي التوحيد والشرك، وطبيعة العلاقة بينهما، حتى لا يأتي الخلط، ويتم الدمج بين تحقيق أصل الدين من جهة وإجراء الأحكام من جهة أخرى، ووضعهما معًا في سلة واحدة، من حيث التأصيل، والتدليل، ودرجة المشروعية، ومن ثم تحل الطامة العظمى، والداهية الكبرى المتمثلة في الغلو المذموم في التكفير