فمن كان منهم مسلمًا، أدخل الله الجنة، ومن كان كافرًا في الظاهر والباطن، خلَّده في ناره، ومن لم تقم عليه الحجة، وكان واقعًا في الشرك الأكبر، فحكمه حكم أهل الفترات، وليس بمسلم على أية حال.
وكذلك حكم أئمة الدعوة في أموال أهل زمانهم: بحكم أموال الكفار الأصليين، أي: يستحقون التوارث فيما بينهم، ثم من اسلم منهم على شيء من المال فهو له، ولم يقولوا: بردة أقوامهم، لأن المرتد لا يرث، ولا يورث، لأن طرد ذلك القول: يجعل جميع أمول الكفار في زمانهم مستحقة لبيت المال، لأنهم مرتدون، وورثوها عن آبائهم المرتدين، وكذا الأموال التي بأيدي المسلمين، حتى يُثبت أحدهم أن أباه لم يكن مرتدًا.
وكذلك سلك أئمة الدعوة مع أقوامهم في الدعوة والقتال: مسلك الكفار الأصليين، الذي لم تقم عليهم حجة البلاغ، فلا يقاتلونهم حتى يبلغوهم إياها، فمن قبلها ودان بالإسلام قاتلوا به من وراءه، ومن أباها، قاتلوه قتال المشركين، ولما تحققوا من ظهور دعوتهم، وبلوغها لمن حولهم من الديار لم يتوجب عليهم الدعوة قبل القتال.
ولقد وردت أسئلة على أبناء الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وحمد ابن ناصر رحمهم الله جميعًا منها جاء فيها:
«وأما السؤال الثالث، وهو قولكم ورد: «الإسلام يهدم ما قبله» وفي رواية: «يجبُّ ما قبله»، وفي حديث حجة الوداع:«ألا إن دم الجاهلية كله موضوع» إلخ، وظهر لنا من جوابكم: أن المؤمن بالله ورسوله، إذا قال أو فعل ما يكون كفرًا، جهلاً منه بذلك، فلا تكفرونه حتى تقوم عليه الحجة
الرسالية، فهل لو قتل من هذا حاله، قبل ظهور هذه الدعوة، موضوع أو لا؟