للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فنقول: إذا كان يعمل بالكفر والشرك، لجهله، أو عدم من ينبهه، بل لانحكم بكفره حتى تقام عليه الحجة، ولكن لا نحكم بأنه مسلم، بل نقول: عمله هذا كفر، يبيح المال والدم، وإن كان لا نحكم على هذا الشخص لعدم قيام الحجة عليه، لا يقال إن لم يكن كافرًا فهو مسلم، بل نقول عمله عمل الكفار، وإطلاق الحكم على هذا الشخص بعينه، متوقف على بلوغ الحجة الرسالية، وقد ذكر أهل العلم: أن أصحاب الفترات، يمتحنون يوم القيامة في العرصات، ولم يجعلوا حكمه حكم الكفار، ولا حكم الأبرار.

وأما حكم هذا الشخص إذا قتل، ثم أسلم قاتله، فإنا لا نحكم بديته على قاتله إذا أسلم، بل نقول: الإسلام جبَّ ما قبله، لأن القاتل قتله في حال كفره، والله سبحانه وتعالى أعلم ....

وأما قولكم: وهل ينفع هذا المؤمن المذكور، ما معه من أعمال البر، وأفعال الخير، قبل تحقيق التوحيد؟

فيقال لا يطلق على الرجال المذكور اسم الإسلام، فضلاً عن الإيمان، بل يقال: الرجل الذي يفعل الكفر، أو يعتقده في حال جهله، وعدم من ينبهه، إذا فعل شيئًا من أفعال البر، وأفعال الخير، أثابه الله على ذلك، إذا صحح إسلامه وحقق توحيده، كما يدل عليه حديث حكيم بن حزام: «أسلمت على ما أسلفت من خير».

وأما الححج الذي فعله في تلك الحالة، فلا نحكم ببراءة ذمته، بل نأمره بإعادة الحج، لأنا لا نحكم بإسلامه في تلك الحالة، والحج من شرط صحته: الإسلام، فكيف نحكم بصحة حجة وهو يفعل الكفر، أو يعتقده؟

ولكنا لا نكفره إلاَّ بعد قيام الحجة عليه، فإذا قامت عليه الحجة وسلك سبيل المحجة، أمرناه بإعادة الحج، ليسقط الفرض عنه بيقين» (١).


(١) «الدرر السنية»: (١٠/ ١٣٦ - ١٣٨).

<<  <   >  >>